تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يهمنا هنا، دراسة المكان المقدس في عهدي سيدنا داود وابنه سليمان (عليهما السلام)، وما بعدهما. فقد فتح داوود مدينة القدس عام (977) ق. م، فنقل إليها التابوت الذي كان يحوي بقية آثار موسى وهارون عليهما السلام، وأعد داود (عليه السلام) بالمدينة المقدسة مساحة منبسطة فسيحة ليشيد عليها المعبد المقدس (المسجد الأقصى)، وجهز المواد اللازمة للبناء، ولكنه أحس أن أجله لم يمهله حتى يكمل البناء، فعهد بذلك إلى ابنه سليمان (عليه السلام).

أما سليمان (عليه السلام) الذي ولد في القدس ونشأ بها، فقد تولى العرش بعد أبيه (963 - 923) ق. م، ثم شرع ببناء المعبد المقدس على هيئة ضخمة فخمة تليق بمكانة نبي أوتي ما لم يؤت أحد من العالمين، ووهب ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده.

وتفيد إحدى الروايات التاريخية أن بناء هذا المسجد (المعبد) استغرق سبع سنين، عمل فيه ثلاثون ألفاً من العمال الذين كانوا ينقلون خشب الأرز من لبنان عبر البحر إلى شاطئ يافي (يافا)، وتم بمساعدة الملك الفينيقي (حيرام) ملك صور، وبهذا فقد كان المهندسون والبناءون المهرة من صور، وكان الإشراف على البناء فينيقياً، وجل العمال الثلاثون ألفاً كان من الكنعانيين، وداخل المسجد كان التصميم وكانت النقوش كنعانية. ولفخامة الهيئة التي بنى عليها سليمان المسجد الأقصى هذا – المعروف في تاريخ بني إسرائيل بالهيكل– نسب هذا المعبد إليه، كما قال ابن تيمية (رحمه الله): "المسجد الأقصى كان من عهد إبراهيم (عليه السلام)، لكن سليمان (عليه السلام) بناه بناءً عظيماً". وكما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إن سليمان لما بنى بيت المقدس، سأل ربه عز وجل خلالاً ثلاثاً فأعطاه اثنتين، ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة. سأله حكماً يصادف حكمه، فأعطاه الله إياه، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطاه الله إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد، خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، فنحن نرجو أن يكون الله قد أعطانا إياها". وهذا الحديث الشريف – الذي رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم وغيرهم– لا يدع مجالاً للشك بأن هذا المكان هو مسجد أقيم لعبادة الله وحده واسمه المسجد الأقصى، والمؤمنون بالله وبشريعة الوحدانية والديانة الخاتمة المحفوظة غير المحرفة أو المزورة هم الأحق به وبملكيته.

التدمير الأول للمعبد (المسجد الأقصى):

بعد وفاة سيدنا سليمان (عليه السلام)، وقع نزاع بين أبنائه على وراثة ملكه، وكان نتيجة هذا الصراع، انقسام المملكة إلى مملكتين، الأولى في الجنوب وتسمى (يهوذا) وعاصمتها (أورشليم) واستمرت من (931 ق. م – 586 ق. م). والأخرى في الشمال وتسمى (إسرائيل) وعاصمتها (نابلس) أو (شكيم) واستمرت من (931 ق. م – 724 ق. م).

في إطار الصراع الإقليمي بين الدول المتحاربة في المنطقة، تمكن ملك الآشوريين (سرجون الثاني) من الزحف إلى مملكة (إسرائيل) عام (722) ق. م، وتدميرها تدميراً كاملاً، وإبادة شعبها قتلاً وتشريداً.

أما مملكة (يهوذا)، فقد زحف إليها الملك الكلداني نبوخذ نصر من بلاد آشور (العراق)، وحاصرها وأعمل فيها خراباً وتدميراً، حيث نهبها ودمر المعبد سنة (587) ق. م، وسبى أكثر السكان إلى بابل، فيما فرَّ الآخرون إلى مصر وغيرها من الأقطار. وقد عرفت هذه المدة تاريخياً بـ (عصر السبي البابلي). وفي السبي البابلي، مكث اليهود سبعين سنة، حيث تعلموا الآرامية، ومنها تطورت العبرية، وبالعبرية المقتبسة من الآرامية، وضع الكهنة اليهود في الأسر البابلي توراتهم، وهي بلا شك ليست لغة سيدنا موسى (عليه السلام) المصرية التي نزلت بها التوراة الأصلية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير