خاتمك، فقال: إن الرجل قد يُزَّور على خطه وخاتمه، قالوا: فإنه مع غلامك وعلى جملك، فقال: والله لم أشعر بشيء من ذلك .. " (17).
وكما افتات مروان على عثمان رضي الله عنه فإن كثيراً ممن يُسمون بالمثقفين والمفكرين والإعلاميين يفتاتون على ولاة الأمر، ويذكون نار الفتنة بالطعن في الدين، واتهام البرءاء، واختلاق أسباب للإرهاب ليست صحيحة، والتغافل عن الأسباب الحقيقية.
إن أية فتنةٍ لا تستعر إلا بأبواقٍ حاقدةٍ تؤلِّبُ الناس، وتدفع الرعاع ليكونوا حطبها، وفي الأزمات والفتن يبرز ذوو المنافع الشخصية، والمطامع الدنيوية، وأصحاب الأهواء والأحقاد، ويتخذون من الفتنة مجالاً للكسب المادي، أو لتصفية حسابات شخصية، ولو كان ذلك على حساب دماء الناس وآلامهم، ولوسائل الاتصال الحديث من شبكة عالمية، وقنواتٍ فضائية، وصحفٍ ومجلات نصيب كبير في ذلك.
إن على كل متحدث وكاتب أن يتقي الله عز وجل في قلمه ولسانه؛ فلا يروج الإشاعات، ولا يختلق الأكاذيب، ولا يرمي الأبرياء بتهم باطلة؛ لإثبات رأيه، أو نيل مراده من كسب مادي، أو تصفية حسابات شخصية، وليكن صادقاً في معالجته، مخلصاً في قوله وفعله، لايريد إلا الإصلاح والنصح؛ فإن الشرَّ إن وقع عصف بالجميع.
وعلى كل مسلم أن يَصْدُقَ في النصح لله تعالى، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، ولايفتات على ولاة أمره بقول أو فعل يظن فيه صلاحاً وهو عين الفساد، ولا سيما إذا كان من أهل الرأي والاستشارة.
وما يقع في بلاد المسلمين من استحلالٍ للدماء المحرمة، وقتل الأبرياء، وبوجه أخص في منبع الرسالة، ومهبط الوحي ينتفع به الحاقدون الموتورون من الكفار والمنافقين، الذين يعجبهم اختلاط الأمر، واشتعال الفتن في بلاد المسلمين، وقد اتخذوا الإسلام سخرياً بالطعن في شريعته، واتهام أهله بأنهم متعطشون لسفك الدماء، وانتهاك الحرمات.
نسأل الله تعالى اللطف والثبات، كما نسأله تعالى أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، وشر الحاسدين.
الهوامش:
1 - أخرجه البخاري في الفتن باب الفتنة التي تموج كموج البحر (6683) ومسلم في الفتن وأشراط الساعة باب في الفتنة التي تموج كموج البحر (144)
(2) أخرجه بهذا اللفظ ابن عساكر في تاريخه (39 - 447) ونقله عنه ابن كثير في البداية والنهاية (7 - 154) وهو في تاريخ الخلفاء للسيوطي (162)
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال:"أول الفتن قتل عثمان، وآخرها الدجال" (7 - 264) وأخرجه عمر ابن شبه في أخبار المدينة (22102209) والفسوي في المعرفة والتاريخ (2 - 88).
(3) البداية والنهاية (7 - 155).
(4) أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي (3 - 95).
(5) البداية والنهاية (7 - 156).
(6) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (39 - 491490) وهو في البداية والنهاية (7 - 156).
وزيد بن صوحان هو ابن حجر بن الحارث ابن الهجرس العبدي أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، واختلف في صحبته، قال ابن عبدالبر في الاستيعاب (2 - 556555):"لا أعلم له عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية وإنما يروي عن عمر وعلي" ثم نقل ابن عبدالبر عن محمد بن السائب الكلبي أن زيداً أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، قال ابن عبدالبر "ولا أعلم له صحبة ولكنه ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم بسنة مسلماً" أه.
وذكره ابن حبان في مشاهير التابعين بالكوفة في كتابه: مشاهير علماء الأمصار (745).
وقال الذهبي في السير (3 - 525):"ذكروه في كتب معرفة الصحابة، ولا صحبة له لكنه أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .. "أ ه.
وذكر ابن عساكر في تاريخه وفداً جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم معهم زيد بن صوحان وأثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم (19 - 473) قال الحافظ في الإصابة (2 - 625) بعد أن أورد ذلك: "وعلى هذا فهو صحابي لا محالة"
قلت: المشهور أنه أسلم في وقت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره.
(7) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (39 - 481) وهو في البداية والنهاية (7 - 156).
(8) أخرجه ابن عساكر (39 - 479) وهو في البداية والنهاية (7 - 154) والمعنى فيما يظهر لي: أي: ضعف بعيره عن المسير وعجز عن ذلك، كناية عن عدم سيره في الفتنة، واستعجاله إليها، والله أعلم.
(9) البداية والنهاية (7 - 154)
¥