بل كان يشتري جميع ما صُنِّف في الرد على ابن عربي ثم يتلفه، قال الشيخ الجليل محمد نصيف:" أقول انا محمد نصيف بن حسين بن عمر نصيف: سألت السائح التركي ولي هاشم عند عودته من الحج في محرم سنة 1355 عن سبب عدم وجود ما صنفه العلماء في الرد على ابن عربي، وأهل نحلته الحلولية والاتحادية من المتصوفة؟ فقال: قد سعى الأمير السيد عبدالقادر الجزائري بجمعها كلها بالشراء والهبة، وطالعها كلها، ثم أحرقها بالنار، وقد ألف الأمير عبدالقادر كتابا في التصوف على طريقة ابن عربي. صرّح فيه بما كان يلوح به ابن عربي، خوفا من سيف الشرع الذي صرع قبله:" أبو الحسين الحلاج "، وقد طبع كتابه بمصر في ثلاث مجلدات، وسماه المواقف في الوعظ والارشاد، وطبع وقفا، ولا حول ولاقوة الا بالله" اهـ
فمن هوابن عربي هذا؟
هو محي الدين محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي الصوفي، الملقب بالشيخ الأكبر، وهو أول من صرَّح بنظرية وحدة الوجود، بينما كان من قبله من ملاحدة الصوفية يحومون حول الحلول والاتحاد.
ونظرية وحدة الوجود تقول بأن الله عزو جل موجود ـ و العياذ بالله ـ في كل كان، و بذلك تصحِّح نظرية وحدة الأديان الذي أسماه ابن عربي (دين الحب) أيما تصحيح، بحيث تنضوي تحته كل عقيدة،فإذا جاز التعميم أمكن التخصيص ـ من باب أولى ـ،
يقول ابن عربي في بيان هذه العقيدة الحلولية:
((لقد صار قلبي قابلا كل صورة ................... فمرعى لغزلان ودير لرهبا ن
وبيت لأوثان وكعبة طائف ................... وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ................... ركائبه فالحب ديني وإيماني))
و يقول أيضاً:
الرب حق والعبد حق ............... ياليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك ميت ............. أو قلت رب أنى يكلف
و لذلك صرَّح ابن عربي بإيمان فرعون، وصحَّح عبادة بني اسرائيل للعجل.
و زالت كل الفروق لدى بعضهم؛ حتى صار لإبليس حظوة لديهم، وانتفى عن النظر ما لابسه من كفر وعصيان. من ثم لا نستعجب حين نقرأ قول الحلاج: ((ما كان في السماء موحِّد مثل إبليس))
وأدبيات الصوفية الحلولية مليئة بهذا الشرك المتلاطم، بل لهم دواوين خاصة في هذا الكفر الصراح و الشرك الوقاح، مثل ابن الفارض، وجلال الدبن الرومي، و مثل حكم ابن عطاء الاسكندري و غيرهم.
و هذا المنهج الديني اللاديني الذي تختطه العقيدة الوحدوية تفتح باب الولاء على مصراعيه، و حين ذاك لا فرق بين مسلم أو نصراني، أو ما بين مؤمن أومشرك، في حين تلقي بباب البراء خارج القائمة.
و في هذا المعنى يقول ابن عربي أيضاً ـ قبحه الله ـ:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا ..................... وما الله إلا راهب في كنيسة.
و بالتالي فإن الوجودية و الماسونية يدوران في فلكٍ واحد، و لذلك لم يكُن بِدعاً من الرأي أن ينتهج الأمير الخط الماسوني بعد المذهب الوحدوي لكونه بذلك لم يخرج عن نفس المسار، و إنَّما انتقل من مدار إلى مدار.
وقد يقال أن ناحية التصوف كانت ناحية فلسفية بحتة عتد الأمير و لكن ذلك ليس بصحيح، فنجد أن الجزائري يعتقد بمخاريق وكرامات الصوفية، واستمع لما يسوقه النبهاني الصوفي ضمن كرامات الامير عبدالقادر الجزائري أنه قال:"…لما بلغت المدينة طيبة، وقفت تجاه الوجه الشريف بعد السلام عليه صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه الذين شرفهم الله تعالى بمصاحبته حياة وبرزخا؛ وقلت: يارسول الله عبدك ببابك، يارسول الله كلبك بأعتابك، يارسول الله نظرة منك تغنيني، يارسول الله عطفة منك تكفيني، فسمعته صلى الله عليه وسلم يقول لي: " أنت ولدي، ومقبول عندي بهذه السجعة المباركة ". وما عرفت هل المراد ولادة الصلب أو ولادة القلب، والأمل من فضل الله انهما مرادان معا، فحمدت الله تعالى! " انتهى.
الأمر الرابع =حب الأمير للسلطة و بالتالي احتياجه الشديد للمال:
يقول التميمي:
¥