والتغلغل في الأشياء الباطنة، ويشاركه الميم في الغنة كما أنه يشاركه في أن له حظاً من الظهور والنون وهو الأصل في الغنة كما أنه الأصل في الظهور لما له من العلو بالعماد، وهو أيضاً من حروف الذبذبة والزيادة التي لا تستقر على حال فتقع مرة زوائد وأخرى أصولاً كما أن العلم أيضاً كذلك لا استقرار له بل مهما وسعته اتسع، ومهما تركته اضمحل وانجمع، وهو من حروف الأبدال التي تبدل من غيرها ولا يكون غيرها بدلاً منها فلازب ولازم الميم بدل من الباء بخلاف العكس كما أن العلم أصل يتبعه غيره ولا يكون هو تابعاً لغيره، وهو من الحروف الصحيحة وليست معتلة، والعلم جدير بهذا الوصف وهو إذا كان مخفي من الحروف المشربة ويقال لها المخالطة - بكسر اللام وفتحها، وهي التي اتسعت فيها العرب فزادتها على التسعة والعشرين المستعملة وهي من الحروف الصم وهي ما عدا الحلقية، سميت بذلك لتمكنها في خروجها من الفم واستحكامها فيه، يقال للمحكم المصمت والعلم أشد ما يكون مناسبة لهذا الوصف، فقد انطبقت بمخرجها وجميع صفاتها على العلم الذي هو مقصود السورة فتبين حقاً أنه مقصودها، وأما رتبة القلم في بيان العلم وإظهاره وكشف خفاياه وأسراره وبثه وإشهاره فهي بحيث لا يجهلها أحد اتصف بالعقل، ومما يختص به هذا الحرف أنه يصحب كل حرف لأن حده هو ما يعبر عنه التنوين الذي انتظامه بالحركات هو ما آيته العلم المكمل به الحياة التي هي آية ما يعبر عنه هذه الحركات، فلما كانت هذه الحركات آية على ما هو الحياة كان التنوين عقبها آية على ما به كمال الحياة من العلم، وهو سبب لما به القيام من الظهور، ومن معناه اسمه تعالى النور، ثم هو اسم لكل ما يظهر ما خفي باطناً كالعلم في الإدراك الذي تظهر حقائق الأشياء به، وظاهراً كالنيرين للعيون، وسائر الأنوار الظاهرة والباطنة، وما هو وسيلة الظهور كالعيون مما به تشاهد الأشياء ويظهر به صورها، والدواة التي منها مداد ما كتب بالقلم في العوالم أعلاها وأدناها وكل آلة يتوصل بها إلى إظهار صورة تكون تماماً كماء المزن الذي هو مداد كل شيء كوّن الله به الكائنات والبادئات «وجعلنا من الماء كل شيء حي» ومنه معنى النجم النباتي الذي هو للشجر بمنزلة الفول للبشر متلبساً بالنور - بالفتح - الذي فيه حظ من النور - بالضم - والذرء الذي هو ظاهر في نفسه مظهر لطرق الاهتداء، وكذلك الأمر في النار المخلصة من رتبة ظلمتها التي هي غايتها بالرماد، وابتداؤها بما يخرج منه من شج)) ا. هـ 9/ 115
يتبع بإذن الله
ـ[عمر فولي]ــــــــ[09 - 04 - 09, 03:08 ص]ـ
الفرق بين الغنة والمد:
قال العلامة المسعدي تحت باب تنبيهات:
الأول: الغنة صوت يشبه صوت الغزال حين ضاع ولدها وهي صفة ذاتية للميم والنون ولو تنوينا قوية فيهما ومن ثم جذبتها حالة الإخفاء أو ما في حكمها من الإدغام بالغنة من مخرجهما الأصلي وحولتهما إلي الخيشوم علي الصحيح كما أن صفة المد جذبت الواو والياء من مخرجهما الأصلي وحولتهما إلي الجوف علي الصحيح قاله الناظم ـ رحمه الله ـ أما حالة الإظهار فلم تقو الغنة فيهما فلم تحولا حينئذ عن مخرجهما الأصلي، وكذلك الواو والياء إذا لم يكونا حرفي مد لم يتحولا إلي الجوف لعدم المقتضي لذلك.
الثاني: الغنة تجري في الخيشوم كجريان المد في الجوف فمن ثم كانت الغنة شبيهة.
1. إن حروف المد تمنع الإدغام بخلاف حروف الغنة.
2. إن الغنة صفة ذاتية في حرفيها، وأما المد فصفة ذاتية في بعض حروفه وهو الألف وعرضية الواو والياء إذا تحركتا مثلا.
3. حروف المد بمنزلة الحركة في الفصل بين الساكنين، وحروف الغنة ليست كذلك فلا يقال في نحو: (أنت) وقفا مثلا: الغنة فصلت بين الساكنين، إذ النون ساكنة والتاء ساكنة، واجتماع الساكنين علي غير حده مرفوض في غير الوقف، أما في الوقف فمغتفر (الحمد) وقفا.
4. لا يجوز مط الغنة في حرفيها كالمد في حروفه لعدم الرواية بذلك)) انتهي بتصرف نقلا عن كتاب الفوائد التجويدية " للشيخ عبد الرزاق علي موسي صـ 40
أقول: وقد زاد بعضهم بأن الغنة تتبع ما بعدها والمد تابع لما قبله ـ أي الألف ـ
وأما قوله " واجتماع الساكنين علي غير حده مرفوض في غير الوقف" هذا كلام النحاة، ويقصدون بقولهم: علي غير حده " أن يكون الساكن الأول حرف مد مثل "الضالين " وأشباهها وصلا وهذا حده عندهم،و (غير حده) يقصدون به أن يكون الساكنان حرفين صحيحين ـ أي ليس الأول حرف مد ـ، وقد تواترت القراءات الصحيحة عن القراء بجواز اجتماع الساكنين علي غير حده مثل" نعما ـ بإسكان العين والميم الأولي المدغمة ـ ومثل تاءات البزي، ويهدي وغيرها من الكلمات وقد وفينا هذه المسألة في بحث " رسالة فاصلة في التقاء الأحرف الساكنة " فراجعه
يتبع بإذن الله
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[09 - 04 - 09, 03:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا ...
¥