تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما قوله: "ولذلك اختلفت خطوط المصاحف ... الخ" فغير مسلَّمٍ، لأن الإجماع قد انعقد، وعلم الناس الرسم التوقيفي، كما أن ما ذكره من صور اختلاف الخطوط لا يعدو التغير في صورة الحرف، لا في رسم نفس الكلمة بزيادة حرف، أو نقصان حرف.

ومِمَّا يؤيد الرأي القائل بالتوقيف العلاقة الواضحة بين هذا الرسم العثماني، وبين القراءات القرآنية المتواترة، يدرك هذا من كان له أدنى معرفة بعلم القراءات، إذ يلاحظ بوضوح أن الصحابة ? عندما خالفوا القياس في الخط، إنَّما كان ذلك لِمقاصد تتعلق بِما ثبتت روايته عن النَّبِيّ ? من أوجه القراءة في العرضة الأخيرة، فكتبوا في الفاتحة:} ملك يوم الدين {، [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn11) دون ألف في (ملك) لتحتمل الوجهين من القراءة بالألف (مالِكِ)، وبدونِها (مَلِكِ).

ومن أمثلة ذلك أيضًا كتابتهم قوله تعالى:} إِنْ هَذَانِ لَسَحِرَانِ {، [12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn12) دون الألفات، ودون النقط والشكل هكذا (ان هدن لسحرن) فاحتملت جميع أوجه القراءة فيها:

1. فقد قرأ أبو عمرو:} إِنَّ هَذَينِ لَسَحِرَانِ {بتشديد نون (إن)، وبالياء في (هذين)، وتخفيف النون فيها.

2. وقرأ ابن كثير:} إِنْ هذَانِّ لَسَحِرَانِ {بتخفيف نون (إنْ)، وبالألف في (هذان)، وتشديد النون منها.

3. وقرأ حفصٌ:} إِنْ هَذَانِ لَسَحِرَانِ {بتخفيف نون (إنْ)، وبالألف في (هذان)، وتخفيف النون منها.

4. وقرأ بقية القراء العشرة} إِنَّ هَذَانِ لَسَحِرَانِ {بتشديد نون (إنَّ)، وبالألف في (هذان)، وتخفيف النون منها. [13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn13)

فهل يُعَدُّ مثل هذا الرسم مُخالفًا لقياس أهل صناعة الخط؟!

وكذلك كتابتهم تاء التأنيث بالتاء المفتوحة في بعض المواضع نحو (امرأت)، و (رحمت)، و (نعمت)، فيقف عليها جمهور القراء بالتاء، ولو كتبت بالهاء المربوطة، لَتَغَيَّرَ حكمُ الوقف عليها. [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn14)

قال السيوطي: أجمعوا على لزوم اتباع رسم المصاحف العثمانية في الوقف إبدالاً وإثباتًا وحذفًا، ووصلاً وقطعًا، إلا أنه ورد عنهم اختلافٌ في أشياء بأعيانِها، كالوقف بالهاء على ما كتب بالتاء، وبإلحاق الهاء فيما تقدم وغيره، وبإثبات الياء في مواضع لم تُرسَم بِها ... ثم قال: ومن القراء من يتبع الرسم في الجميع. [15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn15)

قال الزركشي: ومن الدليل على عرفان القدماء من الصحابة وغيرهم ذلك - كتابتهم المصحف على الذي يعلله النحويون في ذوات الواو والياء، والهمز والمد والقصر، فكتبوا ذوات الياء بالياء، وذوات الواو بالواو، ولم يصوروا الهمزة إذا كان ما قبلها ساكنًا، نحو:} الْخَبْءَ {و} دِفْءٌ {، فصار ذلك كله حجةً. [16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn16)

كما أنه قد يُعترَض على القول بالتوقيف باعتراضين:

أحدهما: كيف كان للنَّبِيّ ? أن يوقف الصحابة على ما يكتب في المصاحف مع كونه أميًّا؟

ويجاب عن ذلك بأن الأمية لم تكن عيبًا فيه ?، وقد كان من الذكاء والفطنة بحيث يستطيع أن يوجههم إلى مثل ذلك.

فقد كان النَّبِيّ ? مع أميته يعرف أسماء الحروف، وهذا مِمَّا يَجهله الأمي.

فعن عَبْد اللهِ بْن مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ. [17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn17)

على أنه قد صح الخبر بِما يدل دلالة قوية على أنه ? قد علم الخط والكتاب بعدما بُعِثَ.

فَعَنِ الْبَرَاءِ ? في خبر صلح الحديبية قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ ? الْكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ... الحديث. [18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn18)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير