تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثَانِيًا- أَنَّ مَنِ اسْتَدَل بِالْحَدِيثِ وَوَجَّهَ قَوْلَ النَّاظِمِ: (ذِي الْكَمَالِ) بِالْكَمَالِ النِّسْبِيِّ إِنَّمَا وَجَّهَ ذَلِكَ؛ لِيَجْتَنِبَ الْوُقُعَ فِي الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَدحِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ - بِدُونِ قَصْدٍ- فَيْمَا خَافَهُ حَيْثُ أَنَّ الْكَمَالَ النِّسْبِيَّ لَهُ حَدٌّ قَدْ حَدَّهُ الْعُلَمَاءُ، وَهُوَ: تَمَامُ الشَّيْءِ، وَتَنَاهِيهِ فَي بَابِهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا التَّنَاهِي فِي جَمِيعِ الْفَضَائِلِ، وَخِصَالِ الْبِّرِ، وَالتَّقْوَى ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. (شَرْحُ النَّوَوَيِّ لِمُسْلِمٍ: (15/ 198).

فَنَقُولُ لِمَنْ وَجَّهَ ذَلِكَ: هُلْ تَعْلَمَ عِنِ الشَّيْخِ الْمِيهِيِّ:أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ لِهَذَا الْحَدَّ حَتَّى تُزَكِيَهُ وَتُنْسِبَهُ بِالْكَامِلِ نِسْبِيًّا؟!

ثَالِثًا - أَنَّ مَنِ اسْتَدَل بِالْحَدِيثِ وَوَجَّهَ قَوْلَ النَّاظِمِ: (ذِي الْكَمَالِ) بِالْكَمَالِ النِّسْبِيِّ قَدْ وَضَعَ الْمِيهِيَّ - بِدُونِ قَصْدٍ - فِي دَرَجَةٍ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَصَرَ الْكَمَالَ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِه: «وَكَمُلَ مِنَ النِّسَاءِ كَذَا وَكَذَا ... » فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا عَدَدٌ قَلِيلٌ، إِمَّا اثْنَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ)، وَأَكْثَرُ أَزْوَاجِهِ لَسْنَ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ كَمَا قَرَّرَ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ، وَالْعَلَّامَةُ ابْنُ بَازٍ - رَحِمَهُمَا اللهُ - «م ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=923888#_ftnref7) َجْمُوعُ الفَتَاوَى لِابْنِ تَيْمَيَةَ»: (جـ 15 صـ 12)، وَ «مَجْمُوعُ الفَتَاوَى لِابْنِ بَازٍ»: (3 - 396 (.

رَابِعًا- أَنَّ مَنِ اسْتَدَلَ بِالْحَدِيثِ وَوَجَّهَ قَوْلَ النَّاظِمِ: (ذِي الْكَمَالِ) بِالْكَمَالِ النِّسْبِيِّ قد أَثْبَتَ لِلْمِيهِيِّ - بِدُونِ قَصْدٍ - كَمَالًا بَاطِنًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ وَصْفَ الْكَمَالِ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ... » عَامٌّ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَإِذَا رَجَعْنَا لِعِبَارَةِ الْجُمْزُورِيِّ السَّابِقَةِ نَجِدُهُ قَدْ نَسَبَ الْكَمَالَ لِشَيْخِهِ بَاطِنًا، وَلَا سَبِيلَ لِمَعْرِفَةِ بَاطِنِ أَحَدٍ إِلَّا مَنْ أَطَلَعَنَا اللهُ عَلَى بَاطِنِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى شَخْصٍ إِلَّا بِالظَّاهِرِ، فَرُبَّمَا يَكُونُ مَا فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ

فَنَقُولُ لِمَنْ لِمَنِ اسْتَدَلَ بِالْحَدِيثِ: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ فُلَانًا مِنَ النَّاسِ كَمُلَ فِي الْبَاطِنِ حَتَّى تَنْسِبَهُ لِلْكَمَالِ النِّسْبِيِّ؟ فَضْلًا، وَأَنَّ نِسْبَتَهِ لِكَمَالِ الظَّاهِرِ مَحِلُّ نَظَرٍ.

خَامِسًا - لَمْ يَرِدْ فِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ مَدْحٌ بِلَفْظِ: الْكَمَالِ الْبَتَّةَ.

فَكَانَ مَدْحُ النَّاظِمِ لِشَيْخِهِ فِيهِ مُبَالَغَةٌ وَغُلُوٌ سَوَاءٌ أَقَصَدَ الْكَمَالَ الْمُطْلَقَ أَمْ قَصَدَ الْكَمَالَ النِّسْبِيَّ، وَحَتَّى وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُمَا فَعِبَارَتُهُ بَعِيدَةٌ كُلَّ الْبُعْدِ عَنْ هَدْيِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصَحَابَتِهِ الْكِرَامِ y فِي الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ، وَأَكْتَفِي بِذِكْرِ حَدِيثَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَثَرَيْنِ عَنْ صَحَابَتِهِ الْأَبْرَارِ y لِيَتَّضِحَ الْمُرَادُ:

قَالَ رَسُولُ اللهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ» (أَخْرَجَهُ أَحْمَّدُ وَابْنُ مَاجِه، وَحَسَّنَهُ الْبُوصِيرِيُّ فِي الزَّوَائِدِ وَالْأَلْبَانِيُّ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير