تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واحدا معلن غير مخفي هو إعادة الأمة إلى الأداء بالمصاحف العثمانية أي إلى خمس أو ست روايات بها وأبشرك بأن هذا الأداء موجود منصوص في هذه القراءات المتوفرة ويتبقى منها كثير من القياس لا نحتاجه لإثبات تواتر القرآن وإنما تحتاجه الروايات عن القراء تماما كما قال المحقق ابن الجزري في نشره (1/ 13) وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم " اهـ ولكن لن يستطيع هذا المعترض عليّ إثبات أن اشتراط التواتر ينتفي معه كثير من القرآن المنزل على النبي الأمي صلى الله عليه وسلم ذلك لأن القرآن متواتر قبل نشأة القراءات وقبل أن يولد القراء السبعة وغيرهم وسيظل متواترا لو انقرضت القراءات جميعها.

4. أن قولك: "ثم إن هذه اللهجات أقرب إلى اللغة التي نزل بها القرآن من كثير من الكلمات التي يسميها العلماء بالْمًعَرَّبِ، ك (مشكاة) و (قسطاس) و (إستبرق) فالأولى كلمة هندية،والثانية كلمة رومية، والثالثة كلمة فارسية ولم ينقل عن أحد من المتقدمين أنه هم بتصفية القرآن من هذه الكلمات التي ترجع في أصولها إلى لغات العجم " اهـ بلفظك ليعني تقوّلا أكبر مما سبق ولعنة الله على من قال أو دعا إلى بتصفية القرآن من بعض كلماته مثل ? إستبرق ? و ? كمشكاة ? و ? قسطاس ? ومتى يفهم هذا التقول مما أعلنته من تواتر الفتح في ذوات الياء وأن ذلك التواتر لا يعني الطعن في الإمالة فيها، وإنما جهرت بالسوء من القول لما ظلمت بالقذف بأني أدعو إلى حذف كلمات من القرآن كـ إستبرق وكمشكاة وكقسطاس ومرة أخررى أقول: ? ألا لعنة الله على الكاذبين ?

5. قولك: " أن هذه النظرية غير قابلة للتطبيق، وقد ظهر ذلك بشكل واضح في خاتمة الكتاب حين اقترح المؤلف أن تعتمد رواية حفص في الإقراء، لقلة اللهجات فيها، فلم يلبث أن اصطدم بالتسهيل في ((أأعجمي))، والروم والاشمام في ((تأمنا)) فاختار التحقيق في ((أأعجمي)) موافقة لبعض القراء، واختار الادغام في ((تأمنا)) موافقة لأبي جعفر، فوقع فيما فر منه، لأن لإدغام صنو الروم والاشمام، ولأنه يلزم على الادغام في (تأمتا) تحقيق الهمزة لحفص، ولا يخفي ما في ذلك، لأن الجمع بين التحقيق والإدغام المحض لم يقرأ به أحد من العشرة من الطرق المشهورة المقروء بها، فلم يبق من سبيل إلا أن يقول بجواز القراءة بالإ ظهار، وتلك ثالثة الأثافي، لأن الإظهار لم يقرأ به في المتواتر" اهـ وأقول بل هي الأصلح لأن الأعجمي الذي يحفظ القرآن برواية ? يا صالح ائتنا ? بإسقاط الهمزة الساكنة ومد الحاء قبلها بواو في اللفظ فتاء مكسورة لن يتمكن من المعنى حتى يتعلم أنه النداء لصالح الرسول سألته ثمود أن يأتيهم بالعذاب الذي توعدهم به إن هم كذّبوه وأنهم استعجلوا ذلك العذاب لفرط تكذيبهم وهكذا قلبت تلك اللهجات ـ التي تواتر القرآن بلسان عربي مبين ـ الأمر من تيسير القرآن للذكر إلى ما تمناه الشيطان إبليس حين قال ? لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ? ولقد كانت قريش وهم من القبائل العربية الناطقة بلهجة تسهيل الهمز ترسل الأطفال حين يولدون على البادية ليتعلموا اللسان العربي المبين تماما كما تربى محمد بن عبد الله الهاشمي صلى الله عليه وسلم في بني سعد منذ ولادته إلى أن تعلم من اللسان العربي المبين.

6. أن قولك: " ولأنه يلزم على الادغام في (تأمتا) تحقيق الهمزة لحفص، ولا يخفي ما في ذلك، لأن الجمع بين التحقيق والإدغام المحض لم يقرأ به أحد من العشرة من الطرق المشهورة المقروء بها، فلم يبق من سبيل إلا أن يقول بجواز القراءة بالإظهار، وتلك ثالثة الأثافي، لأن الإظهار لم يقرأ به في المتوتر " اهـ وهو كلام لا علاقة له بتحرير طرق القراءات ولا بدراية الروايات ولعله أقرب إلى كلام المثقفين وليت المعترض أحمد بن محمد فال يكشف عمن هو وما هو باسمه ونسبه المعروف المعلوم وعلمه ودرايته لإزالة الشك باليقين، هكذا أفهم من محاولته أكثر من مرة إلزامي بتصورات تصورها في نفسه وتأويلات شطط أوّل بها كلامي ولا يسعها.

7. أن قولك: "والخلاصة أن نفي هذه الأركان يلزم منه نفي تواتر القرآن، لأنها بمثابة المقياس الذي يقاس به التواتر، وتعرف به صحة القراءة، فأقل مايقال عن هذه الآراء والاجتهادات أنها خدمة مجانية للمستشرقين الذين يسعون إلى التشكيك في القرءان والطعن في نقله، ليتسنى لهم التشكيك في دين الله جملة وتفصيلا " اهـ وهو بيت القصيد لأن القرآن متواتر جملة وتفصيلا منذ نزل إلى آخر الأمة أما القراءات فليست كذلك إذ منها القياس ومنها الموضوع والوهم والضعف وانفرادات الرواة، وليس شيء من ذلك متواتر، وأحيل إليك الراءات التي رققها مكي في التبصرة للأزرق ولم تقرأ قبله إلا بالتفخيم، كيف تقول بتواتر ترقيقها للأزرق في القرون الأربعة قبل مكي بن أبي طالب رحمه الله.

إن دعواك في الخلاصة: إن آرائي واجتهاداتي خدمة للمستشرقين لتضليل وتدليس لا أجد له مثلا إلا كالذي ينكر نبوة موسى ورسالته حتى لا يوافق اليهود القائلين بذلك، وهكذا ـ حسب مذهبك ـ لتتوقف البحوث والتحريرات حتى لا تخالف المألوف إذ كل ما خالف المألوف عند الجامدين هو في خدمة المستشرقين، ولقد ابتليت الأمة قبل اجتياح المغول وبعده بهذا المألوف فلم تزدد إلا انحطاطا وتمزقا وقهقرى، فهلا جربتم إصلاح الأمة بمثل ما صلح به أولها وإنما صلح أولها بتلاوة القرآن كما أنزل وكذلك سيتلوه النبي عيسى ابن مريم حين ينزل إلى الأرض ولن يتعلم رواية ورش ولا خلاد ولا غيرها من الروايات ليتأتى له قراءة القرآن.

أخي ابن بلدي وإكراما لك وإنصافا لآرائك وأنت تعلم أنك المصيب وأني المخطئ القريب من المستشرقين فهذه دعوتي ـ أخذا بالمباهلة في القرآن والسنة ـ فأمّن عليها:

اللهم ربنا جرّد واسلب أقربنا نحن الاثنين إلى المستشرقين ـ وأبعدنا عن الهدى الذي جاء به النبي الأمي ? ـ من الإيمان والقرآن وأمته على الكفر مزّقه قبل ذلك في الدنيا شرّ ممزق بالجذام.

طالب العلم

الحسن ولد ماديك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير