تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولعل المنصفين من الباحثين يعترفون بنفي التواتر عن أداء كلمات ألحقه الداني رحمه الله بنظيره وأجرى له حكم شبيهه أي قاسه قياسا محافظة على أداء راو من الرواة وأعرض عن الأداء المنزل الذي قرأ به القراء قبل عملية الإلحاق بنظائره.

وكذلك قال ابن الجزري في النشر 1/ 13) " وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم" اهـ

وقال الداني في جامع البيان (1/ 139) بإسناده إلى اليزيدي أنه قال "كان أبو عمرو، وقد عرف القراءة فقرأ من كل قراءة بأحسنها ومما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي ? وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل " اهـ بلفظه.

وقال في جامع البيان (1/ 167) ما نصه " وأخذ أبو عمرو من كل قراءة أحسنها " اهـ بلفظه

قلت: ولن ينكر أئمة القراءات المعاصرون أن أبا عمرو البصري قد ألف قراءته من بين سيل من الروايات التي تلقاها وأسأل بالله العظيم أئمة القراءات المعاصرين أن لا يكتموا شهادة عندهم من الله عن مدلول قول الداني " ومما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي ? وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل " اهـ بلفظه أليس يعني أنه أدخل في الرواية من الأداء مما يختار العرب ومما بلغه من لغة النبي ?، وأنه أدخل في قراءة القرآن أداء غير منزل من عند الله بل هو مما يختار العرب من اللهجات وقواعد النحو والصرف والتي نطق النبي ? في أحاديثه بمثلها خارج القرآن والتي قرئ بمثلها القرآن في أحرف معلومة أي قاس أبو عمرو البصري على ذلك ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله يغفر له اجتهاده.

وقال الداني في جامع البيان (1/ 156) ما نصه "حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا ابن مجاهد قال وكان علي بن حمزة (أي الكسائي) قرأ على حمزة ونظر في وجوه القراءات وكانت العربية علمه وصناعته فاختار من قراءة حمزة وقراءة غيره قراءة متوسطة غير خارجة عن أثر من تقدم من الأئمة" اهـ بلفظه.

وقال في جامع البيان (1/ 156) بسنده عن أبي عبيد القاسم بن سلام ما نصه:"قال فأما الكسائي فإنه كان يتخير من القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا" اهـ بلفظه

ولابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ في كتابه تأويل مشكل القرآن ص (58) فما بعدها نكير شديد على قراءة حمزة واعتبر قراءته أكثر تخليطا وأشد اضطرابا قال:" لأنه يستعمل في الحرف ما يدّعه في نظيره ثم يؤصل أصلا ويخالف إلى غيره لغير ما علة ويختار في كثير من الحروف ما لا مخرج له إلا على طلب الحيلة الضعيفة هذا إلى نبذه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز بإفراطه في المدّ والهمز والإشباع وإفحاشه في الإضجاع والإدغام وحمله المتعلمين على المركب الصعب وتعسيره على الأمة ما يسره الله وتضييقه ما فسّحه " اهـ بلفظه

قلت: ولعله صريح يدعونا إلى إعلان الحقيقة المرة ألا وهي أن القراءات متواترة إلى القراء والرواة ولتتوقف الأسانيد إليهم ليقع عليها الوصف بالصدق والأمانة العلمية وأنها ليست بلهجاتها وقياسها متصلة الإسناد إلى النبي ?، فإن أردنا اتصال الأسانيد إلى النبي الأمي ? فلنسقط منها الكثير من حروف الخلاف يعني مذاهبهم في الإدغام الكبير والصغير وفي تسهيل الهمز بأنواعه وفي الإمالة بأنواعها وفي ترقيق الراءات واللامات للأزرق ونحو ذلك مما يسمى بالأصول، ولن يتأثر القرآن بل سيظل متواترا بألفاظه العربية الفصحى الخالية من اللهجات.

المبحث الخامس

مناقشة القول بثبوت القرآن بصحة السند واستفاضته دون اشتراط التواتر:

إن القول بثبوت القرآن بصحة السند واستفاضته دون اشتراط التواتر ليعني تشريع إنشاء القراءات وقبول انشطارها وتعددها كالذي عرفته الأمة في القرن الثالث بعد النبي ? ولا يزال المتخصصون في القراءات والباحثون المتأخرون متمسكين به تقليدا منهم.

ولقد كان المصنفون الأولون يتقيدون بأركان استنبطوها وأصول أصّلوها جعلوها ميزانا يغربلون به سيل الروايات عن شيوخهم، وفائض الأداء الذي قرأوا به عليهم وبعض القياس الذي أدرجوه في القراءات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير