تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أحمد كوري]ــــــــ[17 Jul 2010, 06:28 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا يا أصحاب الفضيلة على الشكر والاهتمام والمشاركة والإفادة، وشكرا جزيلا لكم.

اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

جواب السؤال الأول:

الخلط بين القراءات والروايات والطرق لا يجوز شرعا في كلمة واحدة مثل قراءة: "الرحيم مالك" بالإدغام الكبير مع زيادة ألف بعد الميم؛ لأن اجتماعهما لم يقرأ به أحد، ولا يجوز أيضا في كلمتين تترتب إحداهما على الأخرى، مثل: "آدم من ربه كلمات" بنصب الكلمتين جميعا أو رفعهما جميعا؛ لأن ذلك مفسد للمعنى، إذ لا بد أن تكون إحدى الكلمتين فاعلا والأخرى مفعولا. أما في غير هاتين الحالتين فهو جائز في غير مقام الرواية؛ لأن القراءات إنما نزلت توسعة وتيسيرا على الأمة، وإن معيبا على العلماء لا على العوام (انظر: النشر: 1/ 19). وكل هذا خارج عن موضوع السؤال، وإنما ذكر من باب تتميم الصور العقلية.

أما الخلط في مقام الرواية – وهو موضوع السؤال - فهو لا يجوز من حيث أن القارئ به كذب في نسبة رواية هذه الوجوه إلى من لم يروها. فمن قرأ في غير مقام الرواية مثلا: "ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته" بقصر المنفصل وضم راء قربة وصلة ميم الجمع، فهذا جائز، وما قرأ به هو قرآن متواتر نزل من عند الله. فإن قرأ بذلك في مقام الرواية أي: نسب ذلك إلى الأزرق فما قرأ به هو قرآن متواتر نزل من عند الله أيضا، ولكنه كذب في الرواية؛ لأن الأزرق لم يقرأ بقصر المنفصل ولا بصلة ميم الجمع.

وعليه فإذا التزم القارئ أنه سيقرأ بإحدى طرق النشر كطريق التيسير، فلا يجوز له أن يقرأ بما يخالفها من الطرق الأخرى المروية عن قالون، وإن لا كان كاذبا في الرواية، فمن أراد أن يفرد طريقا من طرق النشر فليرجع إلى الكتاب الذي رواها منه النشر وليلتزم بما في هذا الكتاب وإن لا كان كاذبا في الرواية.

والخلاصة أن القارئ إذا قرأ برواية قالون عموما دون تمييز طريق من طرقها، أو بطريق أبي نشيط بدون تمييز طريق من طرقها، فكل هذا من باب خلط القراءات فيفرق فيه بين مقام الرواية وغيره؛ ففي مقام الرواية إذا التزم شخص بطريق كتاب معين فلا يصح أن يخلط به غيره، وإن لا كان كاذبا في الرواية، فطرق قالون مختلفة وطرق أبي نشيط مختلفة كذلك، ولا يتم تحاشي الخلط بين الطرق الفرعية إلا بالتزام كتاب معين، لا بمجرد التزام الرواية عموما كرواية قالون، ولا بمجرد التزام الطريق عموما كطريق ابن بويان.

جواب السؤال الثاني:

إذا قابلنا النشر بأصوله كالمستنير فاتفق ما فيهما فلا إشكال، فإن اختلفا فلا يخلو الأمر من احتمالين:

1 – أن نقدم ما في المصدر الأصلي كالمستنير على ما في النشر.

2 – أن نقدم ما في النشر على ما في المصدر الأصلي.

وهذا الاحتمال الأخير في غاية الغرابة!! فابن الجزري قد صرح بأنه أخذ هذا الوجه من هذا المصدر ونحن قد وقفنا على المصدر نفسه، فكيف نصادم المحسوس ونقدم نقل ابن الجزري على ما في المصدر نفسه تقليدا؟! خصوصا إذا كان المصدر محققا تحقيقا علميا على عدة نسخ. ولا شك أن ابن الجزري هو محقق الفن وهو شيخ القراء والمحدثين، ولكنه غير معصوم. ولا يوجد مقرئ ولا محدث إلا وله أوهام نبه عليها القراء والمحدثون، وقد نبه ابن الجزري نفسه على الكثير من أوهام أئمة المقرئين المتقدمين كالداني والشاطبي.

أما كون من قدم ما في المصدر الأصلي على ما في النشر يلزمه مخالفة السند وقراءة ما لم يرو، فقد أجابنا عليه ابن الجزري نفسه، فهو يقول (النشر: 2/ 401 - 402): "فإن الراوي إذا ظن غلط المروي عنه لا يلزمه رواية ذلك عنه إلا على سبيل البيان سواء كان المروي صحيحا أم ضعيفا؛ إذ لا يلزم من غلط المروي عنه ضعف المروي في نفسه، فإن قراءة "مردفين" - بفتح الدال - صحيحة مقطوع بها، وقرأ بها ابن مجاهد على قنبل مع نصه أنه غلط في ذلك، ولا شك أن الصواب مع ابن مجاهد في ذلك".

وأكثر المحررين يعملون بهذا، فيخالفون النشر – مع أن روايتهم منحصرة فيه – إذا تبين لهم أنه وهم.

وإن تعجب فعجب أن بعض المحررين يبلغ به حسن الظن بالمحقق ابن الجزري أن يقدم تقليد النشر على ما في المصدر الأصلي؛ فالإمام الأزميري هو من المحررين القليلين في التاريخ الذين يستحقون اسم "محرر"؛ فهو قد وقف على جل أصول النشر وقارنها بما فيه مقارنة دقيقة، وبين ما بينهما من اختلافات، ولذلك فقد أصبح عمدة أكثر المحررين المتأخرين. ومع ذلك نجده قد وقف على وجه نسبه النشر إلى المستنير، ووقف على نسخ كثيرة من المستنير نفسه ووجدها كلها متفقة على خلاف ما في النشر، لكنه لم يجرؤ على مخالفة النشر فاعتمد ما في النشر رغم مخالفته لعدة نسخ من المستنير!! وقدم احتمال خطإ النسخ الكثيرة على احتمال وهم النشر!! من باب حسن الظن بالمحقق!! يقول الأزميري في البدائع: "تنبيه: قال في النشر بعد تمثيل "لا" التي للتبرئة: "نص له على ذلك ابن سوار في المستنير". قلت: رأيت نسخا كثيرة من المستنير لم يتعرض لذكر التوسط في هذا النوع إلا نسخة واحدة ذكر فيها أول البقرة قال فيها: "روى القطان عن ابن سعدان عن سليم عن حمزة التوسط في لا ريب ونحوها"، فعلى هذا لا يجيء التوسط من المستنير لخلف وخلاد، ولكن نأخذ بالتوسط منه اعتمادا على ابن الجزري، لأنه عالم بالفن، ويحتمل خطأ جميع ما رأيته من النسخ".

والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير