تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

خلط الطرق والربط بين الوجوه:

إذا كان الإصبهاني قد روي عنه قصر المنفصل وتوسطه وإشباعه، وروي عنه أيضا إثبات الألف وحذفها في هاءنتم؛ فهل نحن مخيرون في هذه الوجوه في المنفصل؟ وهل يجوز أن نجمع بين كل وجه من هذه الوجوه وبين حذف الألف وإثباته من هاءنتم؟

هنا يفرق بين مقام الرواية وغيره، فإذا أردنا أن نقرأ القرآن بدون التزام قراءة معينة فلا بأس بخلط القراءات بشروطه المعروفة ما دمنا لم نخرج من القراءات المتواترة، وهذا منها.

وخلط القراءات في هذه الحالة لا بأس به، وقد كان بعض الأئمة يأخذ به، فالقراءات نفسها هي اختيارات؛ قال القرطبي في مقدمة تفسيره: "وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القراء؛ وذلك أن كل واحد منهم اختار في ما روى وعلم وجهه من القراءات ما هو الأحسن عنده والأولى فالتزمه طريقة ورواه وأقرأ به واشتهر عنه وعرف به ونسب إليه، فقيل: حرف نافع وحرف ابن كثير ولم يمنع واحد منهم اختيار الآخر ولا أنكره بل سوغه وجوزه، وكل واحد من هؤلاء السبعة روي عنه اختياران أو أكثر وكل صحيح".

فقد اختار نافع قراءته من مروياته عن سبعين من التابعين، ولم يلتزم قراءة واحد منهم بل كان يأخذ بما اجتمع عليه أكثرهم، حتى "ألَّفَ" هذه القراءة من مرويات شيوخه، فقد روى محمد بن إسحاق المسيبي عن أبيه عن نافع أنه قال: أدركت هؤلاء الأئمة الخمسة وغيرهم من من سمى فلم يحفظ أبي أسماءهم. قال نافع: فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته، وما شذ فيه واحد فتركته حتى ألفت هذه القراءة في هذه الحروف". (انظر: السبعة: 61 – 62، والتذكرة: 47 – 48، والمبسوط: 19، وجامع البيان: اللوحة: 24 ب – 25 ب، وغاية الاختصار: 1/ 18 – 19، وجمال القراء: 525، وقراءات القراء المعروفين: 62، والكنز: 120 – 121، والإبانة: 38 و 61، وطبقات القراء السبع: 43).

وكذلك الإمام أبو عمرو، قال اليزيدي: "كان أبو عمرو قد عرف القراءة فقرأ من كل قراءة بأحسنها وبما يختاره العرب وبما بلغه من لغة النبي صلى الله عليه وسلم وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل". (انظر جامع البيان: اللوحة: 17 ا و 27 ب، والمفردات: 113، وقراءات القراء المعروفين: 87 و 88). وقال الأصمعي (المستنير: 82): "قلت لأبي عمرو بن العلاء: أقرأت على ابن كثير؟ قال: نعم! ختمت على ابن كثير بعدما ختمت على مجاهد، وكان ابن كثير أعلم باللغة من مجاهد. قلت له: فلم لم تفرق بين القراءتين؟ قال: لم يكن بينهما كثير، إلا أني ربما سألت ابن كثير عن الشيء فيقول لي: هو جائز والذي أختار غيره. قال الأصمعي: يعني من قراءة مجاهد".

وكذلك الإمام الكسائي فقد "ألَّفَ" قراءته أيضا من ما روى من القراءات المتواترة، كما يقول عنه أبو الحسن بن غلبون (التذكرة: 78): "وكان قد قرأ على حمزة وروى عن إسماعيل بن جعفر عن نافع وعن أبي بكر بن عياش عن عاصم وعن غيرهما. وكان بصيرا باللغة والنحو، فاختار من قراءة الأئمة المتقدمين من ما قرأ به ورواه عنهم، وما صح لديه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب وعن علي بن أبي طالب وعن عبد الله بن مسعود وعن ابن عباس وغيرهم حتى ألف قراءته هذه التي يقرأ بها". (وانظر أيضا: قراءات القراء المعروفين: 119، والسبعة: 78، وجامع البيان: اللوحة: 33 ب، ومعرفة القراء الكبار: رقم الترجمة: 45).

حتى أننا نجد قلة من المتأخرين يختارون أيضا قراءة ينتخبونها من القراءات المختلفة، فنجد الهذلي في كتابه الكامل يختار قراءة من القراءات المختلفة التي روى، ويقول عن اختياره (الكامل: مخطوط): "وسئلت أن أختار اختيارا يوافق العربية والأثر والمعاني والأحكام فأجبتهم إلى ذلك ويقول: "ونرجو أن يقع اختيارنا كما يجب فيتلى كما يتلى غيره من الاختيارات ويقتدى به إن شاء الله".

ونجد مكيا أيضا في كتابه الكشف يختار قراءة من بين القراءات السبع بدون أن يلتزم فيها بقراءة محددة منها، ويقول عن اختياره (الكشف: 1/ 5): "ثم أذكر اختياري في كل حرف، وأنبه على علة اختياري لذلك، كما فعل من تقدمنا من أئمة المقرئين".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير