2 ـ أخرج الجمزوري الإشكال السابق بأن خصص كلمة (جميعا) ــ وهو متأثر بصنيع ابن الجزري في الطيبة ــ فقال:
وعدنا جميعا دون ما ألف حلا ... بها وبأعراف وطه تنزلا
وقد تبع الجمزوري ابن القاصح في شرح هذا البيت في تقييده بقصة موسى.
ختاما
مما ينبغي معرفته أن من أخذ على الشاطبي فلأنه اشترط شروطا في نظمه فأحيانا يطلق وأخرى يقيد فهم إذن يأخذون على المنهج وإن كانوا يدركون أن الشاطبي لم يخطئ لكنه كان الأجدر به فعل كذا.
وأما مسألة الخوف على المبتدئين فلا أظنها حجة قوية ليعيبوا على الإمام عدم الإيضاح لأن المبتدئ يوجه ابتداء من شيخه أو يرجع إلى شرح الأبيات.
والله أعلم، وصلى الله على محمد وسلم
ثم قال الناظم
(453) ............................ ... ............................ حلا
(454) وإسكان بارئكم ويأمركم له ... ويأمرهم أيضا وتأمرهم تلا
(455) وينصركم أيضا ويشعركم وكم ... جليل عن الدوري مختلسا جلا
بدأ السخاوي شرحه بذكر من أنكر قراءة الإسكان فقال: (اعلم أن من النحويين من أنكر الإسكان في هذه القراءة , واحتج بأنها حركة إعراب فلا يجوز إسكانها،
وقال سيبويه: كان أبو عمرو يختلس الحركة من (بارئكم , يأمركم)، وما أشبه ذلك مما تتوالى فيه الحركات فيرى من يسمعه أنه قد أسكن).
ثم أوضح السخاوي أن: (سيبويه ــ رحمه الله ـ لم ينكر الإسكان بالكلية بل أجازه في الإعراب كما في البناء، ولكنه قال: القياس غير ذلك). أ. هـ فتح الوصيد
ثم رد السخاوي فقال: (فإن كان الاستبعاد من أجل ذهاب حركة الإعراب، فقد اجمعوا على ذلك في الإدغام للمتماثلين والمتقاربين). أ. هـ فتح الوصيد
ثم أكد السخاوي قوله بأن: (الإسكان والاختلاس ثبتا عن أبي عمرو). أ. هـ فتح الوصيد
وجه القراءة بالإسكان
عقب السخاوي ببيان وجهة من قرأ الإسكان فقال: (ووجه الإسكان أن من العرب من يجتزئ بإحدى الحركتين عن الأخرى , وقد عزا الفراء ذلك إلى بني تميم وبني أسد وبعض النجديين وذكر أنهم يخففون مثل- يأمركم- فيسكنون الراء لتوالي الحركات. أ. هـ فتح الوصيد
وعلق السخاوي على قول الناظم: (وكم ... جليل عن الدوري مختلسا) بأن من أخذ للدوري بالاختلاس العراقيون وكم فيهم من جليل كابن مجاهد وغيره). أ. هـ فتح الوصيد
ترجيح الاختلاس بين السخاوي وأبي شامة
برر السخاوي مدح الشاطبي لوجه الاختلاس فقال: (وإنما أشار إلي وجه هذه القراءة بالمدح , لأنه تخفيف لا ينقص من الوزن، ولا يغير الإعراب). أ. هـ فتح الوصيد
وأما أبوشامة فقال: (وكان الناظم ــ رحمه الله ـــ مائلا إلى رواية الاختلاس وهو الذي لا يليق بمحقق سواه فقال: (وكم جليل) أي كثير من الشيوخ الجلة جلوا الاختلاس عن الدوري وكشفوه وقرروه وعملوا به) أ.هـ إبراز المعاني
وأقول: رأى السخاوي أن الاختلاس تخفيف ولا ينقص الإعراب فاختاره الشاطبي لهذا لا لأنه الأولى وأكثر الرواة عليه كما يشير أبو شامة وسيظهر في كلام الداني أن الأكثرين على الإسكان وهذا يؤكد صحة ما ذهب إليه السخاوي.
ولأن أبا شامة خالف شيخه وله رأي يحتاج إلى وقفة فسأذكر ما يتعلق بهذه المسألة الآن لأيسر على القارئ الكريم.
أبو شامة ومذهب النحاة
تأثر أبو شامة ببعض النحاة فقال عن الاختلاس: (وهي الرواية الجيدة المختارة فإن الإسكان في حركات الإعراب لغير إدغام ولا وقف ولا اعتلال منكر فإنه على مضادة حكمة مجيء الإعراب) أ.هـ إبراز المعاني
قلت: سامحه الله إذا كانت الرواية متواترة فأنى تكون منكرة؟!!
وقام أبو شامة بذكر كلام سيبويه الذي ظاهره رد قراءة الإسكان. انظر: إبراز المعاني
وأقول: العجيب أنهم يتهمون القراء والرواة بأنهم حمقى لم يعرفوا أن أبا عمرو قرأ بالاختلاس فظنوه إسكانا، وبرروا بأن القراء لم يخطئوا في ذلك من ضعف أمانة ـ ما شاء الله! ــ لكن أتوا من ضعف دراية!!
الرد على من منع الإسكان
قال الداني ـ رحمه الله ـ عند حكاية إنكار سيبويه لإسكان أبي عمرو لـ (بارئكم ويأمركم) بحجة أن الراوي لم يضبط عن أبي عمرو لأنه اختلس الحركة فظن أنه سكن: (والإسكان أصح في النقل وأكثر في الأداء وهو الذي أختاره وآخذ به) أ. هـ جامع البيان للداني
¥