وأضاف أبو شامة أن الأصل الهمز وعلى هذا فالقراءتان بمعنى واحد لأن الهمز وإبداله لغتان لكن لغة الإبدال هي الفصيحة الفاشية حتى إن بعض النحاة ـ رحمهم الله ـ يقول: التزمت العرب الإبدال في (النبي) أ. هـ إبراز المعاني
وقد عقب السخاوي على من ينكرون قراءة الهمز مستدلين بحديث (لست بنبيء الله ولكني نبي الله) الذي رواه الحاكم بأن الحديث غير صحيح الإسناد.
ثم ذكرالسخاوي توجيها له ـ على فرض صحة الحديث ـ بأنه لعل الكلمة تحمل معنى موهما (يعني: يا طريد الله لأن نبأت من أرض إلى أخرى أي خرجت منها إليها) , واستدل بنهي الله للمسلمين عن قولهم: (راعنا) لاحتمال أنها وردت من الرعونة وقد استخدمها اليهود لهذا المعنى. أ. هـ فتح الوصيد
وقد أيده الفاسي وزاد: (بأنه لا وجه للإنكار لأن الذي روي القراءة (يعني نافعا) هو من قرأ على سبعين من التابعين وقد اشترط على نفسه (الإمام نافع) ألاينقل إلا ما اجتمع عليه اثنان فأكثر وما انفرد به واحد تركه). أ. هـ شرح الفاسي
وخالف أبو شامة شيخه السخاوي في تأوليل الحديث فقال
: (ولا يظهر لي في تأويله إلا ما قاله أبو عبيد: إنه أنكر عليه الهمز لأن تخفيفه هو اللغة الفصيحة) أ. هـ إبراز المعاني
ثم قال أبو شامة: (وما أول الشيخ ـ يعني السخاوي ـ به الهمز
لا ينفيه تخفيفه فإن- النبي- سواء كان من الإخبار أو غيره فتخفيف همزه جائز أو لازم والله أعلم)
أ. هـ إبراز المعاني
وقد أيد كلام أبي شامة البناء الدمياطي وانظر: (باب الهمزالمفرد) من كتابه إتحاف فضلاء البشر.
والذي يظهر لي أن قول السخاوي صحيح؛ لأنه قد استند لما يعضدد قوله ـ وصدق ـ بأقوال اليهود التي نهينا أن نتبعهم ـ حتى ولو كان معنى الكلمة صحيحا لكن لاحتمالها أغلق الباب.
وإليك مزيد بيان للمسألة
نقل ابن عطية أن أبا علي قال: «مما يقوي ضعف سند هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم، قد أنشده المادح (العباس بن مرداس الصحابي الجليل ـ رضي الله عنه) يا خاتم النبآء ........ ولم يؤثر في ذلك إنكار، والجمع كالواحد».
أ. هـ المحرر الوجيزلابن عطية بتصرف وزيادة
وأضاف ابن عادل ـ معقبا وجامعا بين الوجهتين: وجهة أنها ليست الأفصح أو وجهة من قال: لأنها توهم معنى آخر فقال:
(لا ينبغي أن ترد قراءة هذا الإمام الكبير، أما الحديث فقد ضعفوه.
ـ وعلى فرض صحته ـ فليلتمس للحديث تخريجٌ يكون جواباً عن قراءة نافع، على أنّ الَقطْعِي لا يُعَارَضُ بالظني، وإنما يذكر زيادة فائدة.
والجواب عن الحديث ـ قلت: وهي نفس وجهة السخاوي ـ: أنّ أبا زيد حكى: نَبَأْتُ من أرض كذا إلى أرض كذا، أي: خرجت منها إليها فقوله: «يا نبيء الله» بالهمز يوهم يا طَرِيدَ الله الذي أخرجه من بلده إلى غيره، فَنَهَاه عن ذلك لإيهامه ما ذكرنا، لا لسبب يتعلّق بالقراءة. ونظير ذلك نهيه المؤمنين عن قولهم: {رَاعِنَا} [البقرة: 104] لما وجدت اليهود بذلك طريقاً إلى السَّب به في لغتهم، أو يكون حضَّا منه عليه الصلاة والسلام على تَحَرِّي أفصح اللغات في القرآن وغيره) أ. هـ اللباب لابن عادل
وزاد الآلوسي فقال
: (وأجيب عن الأول بأن أبا زيد حكى نبأت من الأرض إذا خرجت منها فمنع لوهم أن معناه يا طريد الله تعالى فنهاه عن ذلك لإيهامه، ولا يلزم من صحة استعمال الله تعالى له في حق نبيه صلى الله عليه وسلم الذي برأه من كل نقص جوازه من البشر، وقيل: إن النهي كان خاصاً في صدر الإسلام حيث دسائس اليهود كانت فاشيةوهذا كما نهى عن قول: {راعنا} إلى قول: {انظرنا} [البقرة: 104].أ. هـ
روح المعاني الآلوسي بتصرف
وويؤكد ابن منظور أن القضية لا تتعلق بالأفصح بل بالمعنى فقال: (وذلك أَنه عليه السلام أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ ....
وقال الزجاج: والأَجود ترك الهمز لأن نابِئٌ جاء من بلد آخَر ورجل نابِئي ومن هنا قال الأَعرابي له ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: يا نَبِيءَ اللّه فهَمز أَي يا مَن خَرَج من مكةَ إِلى المدينة فأَنكر عليه الهمز لأَنه ليس من لغة قريش
أ. هـ لسان العرب بتصرف
نتيجة
¥