وقال أيضا:" وروي الثعلبي عن ابن ذكوان عن ابن عامر أنه يظهر التنوين ـ أعني الغنة ـ عند الياء والواو ويدغمها عند اللام، وكذلك روي الداجوني عن أصحابه أنه أدغم الغنة عند اللام وحدها وأظهرها عند ما عداها "ا. هـ297
وقال أيضا: " ... عن ابن عامر أنه كان يدغم النون عند الراء ويبينها عند الواو واللام والياء يريدان غنتهما .. "صـ298
والخلاصة في هذه المسألة والذي عليه عمل القراء كالتالي:
ذهب جمهور القراء إلي عدم الغنة مع الراء واللام، فشعبة وحمزة والكسائي وخلف في اختياره لعدم الغنة قولا واحدا.وإن كانت محكية عن شعبة في النشر.
وذهب جمهور القراء من المتأخرين إلي عدم الغنة أيضا عن الأزرق وهو معمول به عندهم.
والباقون بالخلاف ـ والوجهان صحيحان مقروء بهما ـ والأشهر عنهم عدم الغنة.
فائدة:
وقال في النشر:
" (الرابع) إذا قرئ بإظهار الغنة من النون الساكنة والتنوين في اللام والراء السوسي وغيره عن أبي عمرو فينبغي قياساً إظهارها من النون المتحركة فيهما نحو (نؤمن لك، زين للذين، تبين له) ونحو (تأذن ربك، خزائن رحمة ربي) إذ النون من ذلك تسكن أيضاً للإدغام، وبعدم الغنة قرأت عن أبي عمرو في الساكن والمتحرك وبه آخذ. ويحتمل أن القارئ بإظهار الغنة إنما يقرأ بذلك في وجه الإظهار أي حيث لم يدغم الإدغام الكبير والله أعلم."2/ 88
اختلفوا هل غنة النون الساكنة مع اللام في الموصولة والمقطوعة رسما أم في المقطوعة رسما فقط؟
قال ابن الجزري في النشر:
" (الثالث) أطلق من ذهب إلى الغنة في اللام وعمم كل موضع وينبغي تقييده بما إذا كان منفصلاً رسماً نحو (فإن لم تفعلوا، أن لا يقولوا) وما كان مثله مما ثبتت النون فيه، أما إذا كان منفصلاً رسماً نحو (فإلم يستجيبوا لكم). في هود (ألن نجعل لكم) في الكهف. ونحوه مما حذفت منه النون فإنه لا غنة فيه لمخالفة الرسم في ذلك وهذا اختيار الحافظ أبي عمرو الداني وغيره من المحققين، قال في جامع البيان واختار في مذهب من يبقى الغنة مع الإدغام عند اللام ألا يبقيها إذا عدم رسم النون في الخط لأن ذلك يؤدي إلى مخالفته للفظه بنون ليست في الكتاب. قال وذلك في قوله (فإلم يستجيبوا لكم) في هود وفي قوله (ألن نجعل لكم موعداً) في الكهف (وألن نجمع عظامه) في القيامة قال وكذلك (ألا تعولوا؛ ألا يسجدوا لله، لا تطغوا) وما أشبهه مما لم ترسم فيه النون وذلك على لغة من ترك الغنة ولم يبق للنون أثراً قال وجملة المرسوم ذلك بالنون فيما حدثنا به محمد بن علي الكاتب عن أبي بكر بن الأنباري عن أئمته عشرة مواضع: أولها في الأعراف (أن لا أقول على الله إلا الحق، وأن لا تقولوا على الله إلا الحق) وفي التوبة (أن لا ملجأ من الله) وفي هود (وأن لا إله غلا هو، وأن لا تعبدوا إلا الله) في قصة نوح عليه السلام. وفي الحج (أن لا تشرك بي شيئاً) وفي يس (أن لا تعبدوا الشيطان) وفي الدخان (وأن لا تعلموا على الله) وفي الممتحنة (على أن لا يشركن بالله شيئاً) وفي ن والقلم على (أن لا يدخلنها اليوم) قال واختلفت المصاحف في قوله في الأنبياء (أن لا إله إلا أنت) قال وقرأت الباب كله المرسوم منه بالنون والمرسوم بغير نون ببيان الغنة، وإلى الأول اذهب (قلت) وكذا قرأت أنا على بعض شيوخي بالغنة ولا آخذ به غالباً ويمكن أن يجاب عن إطلاقهم بأنهم إنما أطلقوا إدغام النون بغنة. ولا نون في المتصل منه والله أعلم." 2/ 82
وتعقبه المتولي في الروض النضير بقوله: " وفي هذا الاختيار نظر لما أصله في النشر في مبحث ركنية اتباع الرسم قال: وقد يوافق بعض القراءات الرسم تحقيقا ويوافقه بعضه تقديرا نحو:" ملك يوم الدين " فانه كتب بغير ألف فى جميع المصاحف فقراءة الحذف تحتمله تحقيقا كما كتب" ملك الناس" وقراءة الألف تحتمله تقديرا كما كتب" ملك الملك" فتكون الألف حذف اختصارا، ولا شك أن القراءة بالغنة في المتصل من قبيل الثاني فتحتمل الرسم تقديرا كما كتب نحو فإن لم تفعلوا ــ أن لا ملجأ ــ وأن لن يحور ـــ فتكون النون حذفت اختصارا ولولا اعتبار النون وأن لم ترسم لما شددت اللام وحذفت نون الرفع من نحو" أن لا تطغوا في الميزان" ولما نصب الفعل بالفتحة الظاهرة في نحو" لئلا يكون للناس" مع أن ذلك بإجماع وقال أيضا علي أن مخالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة ألا تري أنه لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء" تسئلنى" في الكهف وقراءة " وأكون من الصالحين" والظاء من" بضنين" ونحو ذلك من مخالف الرسم المردود فإن الخلاف في ذلك يغتفر إذ هو قريب يرجع إلي معني واحد وتمشية صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول
وذلك بخلاف زيادة كلمة أو نقصانها وتقديمها وتأخيرها حتي لو كانت حرفا واحدا من حروف المعاني فإن حكمه في حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم فيه وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته " ا. هـ
قال الضباع في الفوائد المهذبة:" ... وأطلق الحكم فى المقطوع والموصول أكثر المتقدمين وإليه جنح إمامنا المتولى ونصر القول به وعليه عملنا" ا. هـ
وأخذ بذلك أيضا صاحب كتاب فريدة الدهر.
والخلاف في هذه المسألة مازال موجودا وهناك من يقرئ بالمقطوع مثل اختيار ابن الجزري وقال الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف وهذا ما أختاره، ثم قال: وقرأنا بالوجهين.
وهناك من يأخذ بالغنة في المقطوع والموصول، والاختياران صحيحيان وجواز الاقراء بهما. والله أعلم.
والسلام عليكم
¥