? ولهذه الأسباب جميعها نصّ غير واحد من أهل العلم على وجوب التجويد العلمي كالعملي , سواء كلّه بالنسبة لطلبة العلم وأهله أو الجزء الذي لا يمكن تصحيح القراءة إلاّ به بالنسبة لعموم المسلمين ... يقول الشيخ محمود علي بسّة:" وأمّا حكم تعليمه فهو فرض كفاية بالنسبة إلى عامة المسلمين, وفرض عين بالنسبة إلى رجال الدين من العلماء والقراء, ومهما يكن من شيء , فإنه يأثم تاركه منهم ويتعرض لعقاب الله ... "9 ونفس الكلام قاله الشيخ محمد مكي نصر الجرسي يقول الشيخ الحصري رحمه الله:" ... وأما بالنسبة لأهل العلم فمعرفته واجبة على الكفاية , ليكون في الأمة طائفةٌ من أهل العلم تقوم بتعلّم وتعليم هذه الأحكام لمن يريد أن يتعلّمها , فإذا قامت طائفةٌ منهم بهذه المهمة سقط الإثم والحرج عن باقيهم , وإذا لم تقم طائفة منهم بما ذُكر أثموا جميعاً."10 ويقول أحمد الطويل:"معرفة قواعد التجويد وأحكامه فرض كفاية على الأمة , إذا قام به بعض المسلمين سقط الإثم عن الباقين , إلاّ إذا لم يتأتّ التجويد العملي إلاّ بمعرفة التجويد العلمي , فإنّه يأخذ حكمه , فما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب."11 ونحو ذلك في الشرح العصري لمحمد بن محمود حوّا12 بل و في جلّ كتب التجويد الحديثة منها على وجه الخصوص فالقدماء قلّ من فرّق بين القسمين
الهوامش:
1 هذا الكلام إنّما ذكر في فصل التعريف ردّاً على من أدرج في تعريف التجويد العمل به فلا يتأتى العلم بالتجويد إلاّ بتطبيقه
2مكي بن أبي طالب القيسي (437هـ): الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة؛ دار الصحابة للتراث 1422هـ 2002م ص22
3 يلاحظ ها هنا أنّ اصطلاح التجويد لم يكن قد ظهر بعد بل والعلم ذاته لم يكن قد استقل عن علوم اللغة والقراءات فهو مندرج في قوله (وجوه الإعراب) وفي قوله (القراءات) وظاهر أتمّ الظهور في قوله (عيب لفظ القراءة ... ) والله أعلم.
4 ولم يعد لم يقرأ القراءة الصحيحة بطبعه وسجيّته على السليقة وجود في زماننا هذا ولا في الأزمنة المتقدمة بعد أن دخل اللحن اللسان العربي عندما اختلط المسلمون بغيرهم من الأعاجم
5 المرجع نفسه ص23
6 المرجع السابق ص22
7 نقلا من: محمد بن سيدي محمد محمد الأمين؛ الوجيز في حكم تجويد الكتاب العزيز , نسخة إلكترونية , مبحث تاريخ التجويد
8 الشرح العصري ص49
9 العميد ص8 والوصف الأخير قاله دون التفريق فيه بين قسمي التجويد وانظر: محمد مكي نصر الجرسي. نهاية القول المفيد في علم التجويد , مكتبة الصفا الطبعة الأولى 1999م ص6
10محمود خليل الحصري (1401هـ):أحكام قراءة القرآن؛المكتبة المكية بالاشتراك مع دار البشائر الإسلامية بتحقيق محمد طلحة بلال ,ط2 ص27
11تيسير علم التجويد ص9
12الصفحة 49
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[13 Aug 2010, 05:14 م]ـ
أخي الكريم: فرق واضح بين التجويد العلمي الذي هو المعرفة بالقواعد النظرية في علم التجويد وحفظها واستظهارها، والتجويد العملي الذي هو: تطبيق أحكام التجويد على قراءة القرآن.
وكثير من الناس متقن للجانب النظري، ولكنه غير متقن للجانب التطبيقي العملي، والعكس صحيح، ولذلك تجد كثيرا من الأطفال يطبق الأحكام من المدود وأحكام النون الساكنة والتنوين، وأحكام الميم الساكنة، وغيرها، ولو سألته عن تعريف المد أو الغنة أو الإظهار أو الإقلاب ... الخ = لما عرف لذلك جواباً، وهذا معلوم لكل أحد، وقد عرفته من نفسي وأنا طفل صغير، حيث تعلمت التجويد العملي قبل أن أعرف حرفا واحدا في النظري، وأمثالي كثر جدا، بل أقول: إن ذلك هو الأصل في تعليم التجويد للصغار خاصة، والله أعلم.
ـ[بودفلة فتحي]ــــــــ[15 Aug 2010, 09:18 ص]ـ
شكر الله للأستاذ الفاضل اهتمامه وملحوظاته
المثال الذي قدّمه الأستاذ عن الصبية الذين يحفظون القرآن مجوّدا صحيحا دون أدنى معرفة بأحكام التجويد النظرية؛ صحيح معروف ومشهور لكن هل هذه المعرفة تستغرق القرآن كلّه؟ وهل يؤمن معها الوهم والخلط واللبس؟ وهل تكفي هذه المعرفة العملية لأحكام التجويد حتى يعدّ هذا الطفل عالما بالتجويد؟ وهل يستغني هذا الطفل بمعرفته التطبيقية العملية عن تعلم الأحكام النظرية بعد بلوغه أم لا بدّ من تعلّم الأحكام النظرية لتثبيت أحكامه العملية؟
اعتقد ـ والله أعلم ـ أنّ الأجوبة على هذه الأسئلة من الناحية النظرية قد تختلف عند الكثيرين منّا لكن ما أطلبه من المتصفحين الكرام أن يجيبوا انطلاقا من تجاربهم الخاصة ... فجلّنا تعلم التجويد عمليا قبل أن يتعلمه نظريا وعلميا ... ولكن هل ما تعلمناه في صبانا (عمليا) أغنانا عن وجوب وفرضية تعلم الجانب النظري؟ حتى نتأكّد من إمكانية الإحاطة بأحكام التجويد إحاطة تامة تبرئ الذمة فقط من خلال قسمه العملي دون العلمي أي دون تعلمه نظريا بقواعده ومسائله ومباحثه.
ما أطرحه هنا مجرد رأي وتساؤل أرجو من الأساتذة الكرام أن يفيدونا بما حباهم الله به من علم في هذه المسألة ...
والله يهدي إلى سواء السبيل ...
¥