? وبعضهم يذكر في التعريف ما لا يناسبه ولا ينبغي ذكره لبعده عن تعريف التجويد وحدّه كذكرهم الإسراف والتعسّف والإفراط والتكلّف ... ولّها ألفاظ يقصد بها عدّم التكلّف الذي يؤخذ من مفهوم إقامة الحروف وتصحيحها52
? ومثل ذلك كلامهم على طريقة أخذ التجويد وتعلمه في صلب التعريف كقول أحدهم: " ... بحيث يصير ذلك سجيّة يأخذ ذلك من مشايخ الفنّ المعتبرين بعد الإحاطة بما يتوقف عليه ذلك."53
5. هو قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلّم: في نسبة التجويد للنبي صلى الله عليه وسلم شيء من اللبس , ذلك أنّه يوهم أنّ هذا العلم من إحداثه واختلااعه صلى الله عليه وسلم أو أنّه ممّا أوحي به إليه عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أو قد يتوهم سامع مثل هذه العبارات أنّه صلى الله عليه وسلم هو المجوّد دون سواه ممّن كان قبله أو معه والحقيقة أنّ التجويد هو قراءته صلى الله عليه وسلم وقراءة أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وهو طبيعة كلام العربي قبل الإسلام فحاتم وامرؤ القيس والنابغة وغيرهم كانوا لا يتكلمون العربية إلاّ مجوّدة الألفاظ مصححة الحروف متقنة الأداء ...
6. ذكر محظوراته: الأصل أن يُعرّف الشيء بما فيه إلاّ إذا استحالت وامتنعت معرفته بذلك عرِّف بذكر عكسه ونقيضه , أمّا أن يلجأ ابتداء إلى التعريف بعكسه وممتنعاته وكلّ ما لا ينبغي أن يدخل فيه فهو عيب في التعريف خاصة وأن تعريف التجويد بما فيه ممكن ومتأتٍ ومن أمثلة هذه التعريفات: "الإتيان بالقراءة بريئة من الزيادة والنقصان"54 ... "من غير [دون] إسراف ولا تعسّف ولا إفراط ولا تكلّف"55 "دون تفاوت ولا تكلّف"56 ... "عارية [بريئة] عن الرداءة في النطق"57
7. قصور في التعريف بحيث لا يرقى بألفاظه وعبارته إلى تعين التجويد وتحديده: كقول الشيخ عبد الدائم الأزهري:" غاية التحرير والإحكام للقراءة"58 وعرّف التحرير بقوله: "التحقيق للشيء والإتقان له من غير زيادة ولا نقصان"59 أو قول خالد الأزهري "إتقانها [أي القراءة] والإتيان بها بريئة من الزيادة والنقص"60 وقريب من ذلك تعريف الحسن بن قاسم المرادي المراكشي "هو إحكام القراءة وإتقانها"61 ... فهذه التعريفات وغيرها ناقصة قاصرة عن حدّ التجويد وعنونة مسائله ... فهي عامّة تشمل التجويد وغيره من العلوم المتعلقة بالقراءة إذْ لم تبيّن متعلق هذه القراءة حتى يكون فرقانا بين التجويد وغيره من العلوم القرآنية ولكي تتبيّن من خلاله (متعلق التجويد والإحسان والإتقان) أصول مسائله ومباحثه فهل هو نقل القراءة أم ضبطها أو هو حفظها أو تصحيح حروفها؟ ...
8. الوقوع في الدور: تقدم تعريف الدور , وهو أن يتوقف معرفة المعرَّف على معرفة المعرِّف كما تتوقف في نفس الوقت معرفة المعرٍّف على معرفة المعرَّف وهو حاصل في بعض التعريفات من جهتين اثنين
? الأولى: أن توجد في تعريف التجويد ألفاظ من مشتقاته ومادته اللغوية كنحو قولهم: "هو عبارة عن الإتيان بالقراءة مجودة الألفاظ بريئة من الرداءة"62 أو كقولهم:"تلاوة القرآن الكريم تلاوة مجوّدة كما أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم"63 ووجه الدور ها هنا ظاهر إذ كيف يتوقف معرفة التجويد على تعريفٍ فيه التجويد فيصير معرفة المعرَّف متوقفة على معرفة المعرِّف ومعرفة المعرِّف متوقفة على معرفة المعرَّف ...
? الثانية: ذكر أحكام التجويد وتعداد مسائله ومباحثه يوقعنا في الدور كما تقدم بيانه قريباً
9. إدخال فيه ما ليس منه: وهو كثير سواء ما ليس من التجويد أصلاً أو بعض جزئياته ومباحثه التي لها أبوابها الخاصة التي تذكر فيها ولا ينبغي أن تَرِدَ في التعريف ولعل هذه الزيادات والإقحامات ـ إذا صحّ التعبير ـ ما يلي:
? كلّ ما له علاقة بالتغني وقد تقدم قول محمد محمود عبد المنعم في الروضة الندية لما ذكر في آخر تعريفه "تحسين الصوت بالتلاوة إن أمكن"64
¥