تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سنحاول في هذا المبحث تتبع جميع تعريفات العلماء التي وقفنا عليها لندرس كلّ ما جاء فيها من الأوصاف ما يصلح أن يكون مُمَيّزا للتجويد عن غيره من العلوم وما لا يصلح لذلك يصلح لأن يكون بيانا لمجمل مباحثه ومسائله وما لا يصلح لذلك ... لننتهي في آخر المطاف إلى اختيار تعريف يكون الأصلح والأفضل فيما وذلك بواسطة أسلوب منهجي يستعمله علماء الأصول في البحث عن علل الأحكام هو أسلوب السبر والتقسيم77 فتتبع جميع الأوصاف المذكورة في التعريفات هوالتقسيم ويشترط فيه شرطان:

? الأوّل: أن تتردد هذه الأوصاف باعتبار صلاحيتها للتعريف بين التسليم والمنع وبين القبول والردّ

? الثاني: أن تشمل العملية وتحصر جميع الأوصاف والأقسام ...

و إبطال ما لا يصلح للتعريف هو السبر ويكون بطريقتين اثنين:

? الأولى: بوجود الوصف في غير التجويد

? الثانية: أن لا يكون الوصف من أركان التجويد الذي لا يقوم إلاّ به (حتى ولو كان من مباحثه ومسائله ولكن ليس من أركانه التي لا يتصور التجويد بدونه فلن نذكره فيه) 78

? ونظيف طريقة أخرى ليست في حقيقة الأمر إلغاء لبعض الأوصاف وإنّما هي إدراجها في أوصاف أخرى تغنينا عن ذكرها ...

وبهذه الطريقة المحكمة يمكننا أن نتوصل إلى تعريف يجمع كلّ ما ذكره علماء التجويد ـ ممّا يصلح أن يذكر فيه ـ ويغنينا عن التكرار وعن التوسع والترسل وعن الإخلال بشيء من أركانه التي لا ينبغي ترك ذكرها والإشارة إليها ...

فهذه أهمّ الأوصاف والمصطلحات التي وردت في تعريفات أهل العلم والاختصاص ... ولن أثقل على القارئ بإعادة ذكر المراجع والمصادر في كلّ مرة خاصة عند التعرض للأوصاف التي تكثر في تعريفاتهم ولن أذكر منها إلاّ ما يقل اعتباره أو وروده:

1) الحرف: للحرف تعريفات عدّة لعلّ أدقّها قولهم (هو صوت معتمد على مقطع محقّق) 79 والقصد بالمقطع المحقق جزءا وموضعا من آليات التصويت كالحلق واللسان والشفتين ... وقد يطلق الحرف في اصطلاحهم ويقصد به الكلمة القرآنية المختلف فيها كقول الشاطبي رحمه الله:

"ومن بعد ذكري الحرف أسمي رجاله" قال ابن القاصح أحد شراح الشاطبية:"المراد بالحرف هنا ما وقع الاختلاف فيه بين القراء من كلم القرآن, سواء كان حرفاً في اصطلاح النحويين أو اسماً أو فعلاً"80 كما يطلق ويقصد به القراءة كقول مكي رحمه الله:"فأما قول الناس قرأ فلان بالأحرف السبعة , فمعناه أنّ قراءة كلّ إمام تسمى حرفاً , كما يقال: قرأ بحرف نافع وبحرف أبيّ وبحرف ابن مسعود , وكذلك قراءة كلّ إمام تسمى حرفاً"81

ولا تكاد تجد تعريفا واحدا من تعريفاتهم يخلو من إشارة وذكر للحرف بمعناه الأوّل المتبادر للذهن عند الإطلاق ولعلّ سبب ذلك أنّ التجويد علم يهتمّ بالظاهرة الصوتية في الكلام دون الصرفية أو الدلالية أو الصورية أو غيرها من الظواهر ... فاهتمّ واعتنى بأصغر وحدة صوتية ألا وهي الحرف , وفي اعتنائه بالأصغر اعتناء بالأكبر كذلك من باب أولى ومن باب كون ما فوق الحرف كلمةً كان أو جملة ما هو إلاّ تركيب من عدد من الحروف لا غير ...

يقول الدكتور أيمن رشدي سويد حفظه الله:" ... إنّ القرآن العظيم بناء شامخٌ يتألّفُ من سور, والسورة تتكون من آيات , والآية تتشكلّ على الأغلب من جمل , والجملة من كلمات و والكلمة من حروف. فأصغرُ وِحدة بنائية في القرآن العظيم هي الحرفُ , مِن هنا توجّهت عناية علمائنا إلى دراسة الحروف التي تتألّف منها لغة العرب من حيثُ أماكنُ خروجها وصفاتُ كلّ حرف منها, سواء كانت تلك الصفات للحرف مفردا أو مجتمعا مع غيره. بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك , فضبطوا لنا أزمنة الحروف على الصفة المتلقاة من الحضرة النبوية الأفصحية سواء في ذلك المدود في حروفها و الغنن في ميماتها ونوناتها. "82

لهذا كلّه لا ينبغي لتعريف التجويد أن يخلو من هذا العنصر المهمّ والذي لا يمكننا تصور التجويد دونه

2) المخرج: "اسم لمكان خروج الحرف , فهو الحيّز المولّد للحرف"83 أو المكان الذي ينقطع فيه الصوت عند النطق بالحرف.

جلّ التعريفات ذكرته إلى جانب الصفات لأنّ ذات الحرف ـ مادة التجويد ـ لا تقوم إلاّ بهما

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير