? كثير من الشراح ذهب إلى أنّ المقصود بالتلطّف ها هنا (بلا تعب ولا مشقة) 89 وجمهورهم شرحه بالتوسّط90 يقول ملاّ علي القاري في المنح الفكرية:"وأن يتلفظ91 في نطقه بالقراءة بلا خروج عن استقامة جادة الأداء إلى الإفراط و التفريط"92 وجمع ابن الناظم93 وغيره بين المعنيين ... وسواء كان المراد هذا المعنى أو ذاك أو هما معاً فإنّ حقّ الحرف ومستحقه يغنينا عن إيراد هذا الوصف في التعريف , لأنّ في العدول عن القراءة الصحيحة للحرف العربي عدول عن حقّه ومستحقّه وكلّ إفراط أو تفريط فيه هو إمّا خروج عن حقّه أو عن مستحقّه أو عنهما معاً ...
? وإذا كان المعنى المقصود بالتلطّف هو الليونة والسهولة التي تقابل العنف والشدّة والخشونة ممّا له علاقة بالجهر والإسرار والتغني والأنغام فهو وصف زائد لا يلزم التجويد ...
? ذكر زكريا الأنصاري94 ومحمود محمد عبد المنعم العبد95 أنّ في هذا البيت من المقدمة خلاف في لفظة (باللطف) فقد وردت بصيغة (باللفظ) والأولى أرجح وأصحّ ولكن الثانية وإن كانت مرجوحة فهي على الأقلّ تؤكد أنّ المعنى المراد هو التوسطّ وعدم التكلف لا غير وهو وصف مندرج في تحقيق حقّ الحرف ومستحقّه ...
13) قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم: وهذا العنصر ورد في تعريفاتهم على شاكلتين اثنين:
? الأولى: بقصر وصف التجويد تعريفه على قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم كقول الأستاذ فرغلي: "إنّ التجويد إنّما هو وصف للقراءة النبوية التي ورد ضبطها وحفظها من طريق أئمة القراءة ... "96 أو قوله: "هو عبارة عن وصف اصطلاحي لما ثبت الرواية به من صفة قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم"97 وهذا تعريف غير منضبط ولا وجيه من جهة كون قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم أعمّ وأوسع من التجويد من حيث أنّها تشمل الجانب الصوتي المتعلق بذوات الحروف (القراءات) وصفتها (التجويد) وكذا نغم هذه القراءة (التغني) وما يتعلق به من جهر وإسرار وحدر واسترسال , وتشمل فيما تشمل أيضاً التفاعل النفسي والإيماني مع القراءة وما ينتج عنها ويصاحبها من مشاعر (, فرح , رجاء ,أمل ,خوف, حزن ... ) ومن أقوال (أدعية , أذكار , استغفار ... ) ومن تصرفات وأفعال (بكاء , توقف , ركوع ,استمرار , ترتيب , تنكيس ... ) , وتشمل أيضا ما يتعلق بتدبّر معاني المقروء ... والتجويد أخصّ وأقلّ من ذلك كلّه كما لا يخفى على أحد ...
? الثانية: بذكر وصف قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم في تعريف التجويد دون ما يفيد بالقطع قصره عليه , وهذا الصنيع لا يخلّ بدوره من عللٍ أقلّها أنّه يوقعنا في شبه أهمّها:
• أنّ التجويد من إحداثه صلى الله عليه وسلم وممّا أوحيَ به إليه ...
• أنّه صلى الله عليه وسلم هو المجوّد دون سواه وأنّ غيره إنّما أخذوه عنه ...
• أنّ قواعد التجويد لم تعرفها العرب قبل الإسلام ...
• أنّ التجويد (بمعناه الواسع) قاصر على قراءة القرآن ولا تجويد في الحديث والأدعية والأذكار والأذان وفي اللغة عموما ...
وهذه كلّها شبه ينبغي تجنبها فالتجويد لغة العرب والنبيّ صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين كانوا يجودون القرآن بطبعهم وسليقتهم العربية وأنّ التجويد (بمعناه الواسع) يتعدى القرآن الكريم (لمن شاء) إلى كلّ كلام عربي فصيح ... حديثا كان أو ذكرا أو شعرا أو خطبة أو مقالا ...
14) قراءة القرآن: نعم علم التجويد كعلم خاص بمباحثه ومسائله إنّما يتناول بالدراسة الكلمات القرآنية دون سواها , وهذا الوصف لا بدّ من ذكره وإيراده في التعريف ... ولكن لا ينبغي أن ننكر أنّ التجويد إنّما هو مأخوذ من أصل كلام العرب من خلال طريقة تلفظهم ونطقهم بلغتهم ... وهو يختلف عن التجويد الخاص من جهات عدّة ونواحي شتّى أهمّها:
? الأولى: تجويد القرآن واجب على الصحيح الراجح ـ كما سيأتي ـ بينما تجويد باقي الكلام العربي فمستحب عند الجمهور وقال بعضهم بوجوب تجويد الحديث فقد ذكر شيخ مدينة تطوان المغربية العلامة محمد بن الأمين المغربي – إجازة بالمكاتبة -عن شيخه عبد الحي الكتاني عن عبد الله السكري عن الوجيه الكزبري عن الشمس الحفني عن العلامة برهان الدين ابن الميِّت الشامي أنه ذكر في شرحه على (البيقونية) أنه:
¥