"سأل شيخه النور عليّ الشبراملسي98 عن حكم قراءة الحديث مجوداً كتجويد القرآن: من إمكان النون الساكنة، والتنوين، والمد والقصر، وغير ذلك، هل هي مندوبة؟ فأجابه بالوجوب! ونقله له عن كتاب (الأقوال الشارحة في تفسير الفاتحة) قال: وعلَّل الشيخ ذلك: بأن التجويد من محاسن الكلام، ومن لغة العرب ومن فصاحة المتكلم، وهذه المعاني مجموعة فيه -صلى الله عليه وسلم- فمن تكلم بحديثه -عليه السلام- فعليه مراعاة ما نطق به عليه السلام."99 اهـ وقد يستدلّ على وجوب ذلك بكون اللحن في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبٌ عليه وتقوّل لما لم يقله ... ولا يبعد أن يقول بعضهم في اللغة العربية عموما بالوجوب الكفائي للحفاظ على نقل أصل الكلام العربي كما كان في الزمن الأوّل ... ولكن المعروف عند جماهير أهل العلم أنّ التجويد واجب في القرآن الكريم مستحبّ فيما سواه من الكلام العربي الفصيح ...
? الثانية: التجويد في كلام العرب أعمّ منه في القرآن الكريم؛ فكلّ حكم تجويدي في القرآن لا بدّ وأنّ العرب تكلمت به فهو من التجويد العام وذلك لأنّ القرآن إنّما بلسانهم نزل قال سبحانه وتعالى ?إنّا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون?وقال أيضا ?قرآنا عربيا غير ذي عوج ? وقد اشترط أهل العلم في القراءة لكي يصحّ التعبّد بها وتسمى قرآنا أن توافق وجها لغويا ولو لم يكن هو الأفصحّ , ولا يقال في مسائل ومباحث التجويد العام تجويد الكلام العربي عموما أنّها جميعا ثابتة في القرآن الكريم , لا يصحّ هذا باعتبار أنّ اللغة تشمل لفظ القرآن وزيادة ومن هذه الزيادة بعض مسائل التجويد التي لم ترد في القرآن الكريم ومنها كثير من أحكام الهمز كتسهيل الهمز المضموم بعد آخر مكسور وإبدال الهمز المفتوح في الوصل بعد كلّ ضمٍّ ومن ذلك الزيادة في المدّ لكثير من الأسباب المعنوية كالمبالغة في الإسماع والنداء والتحذير ... ومن ذلك إمالة الراء مع الحفاظ على تفخيمها ... وغيرها كثير
? الثالثة: يزعم بعض علماء التجويد أنّ القرآن الكريم اختصّ ببعض الأحكام التجويدية دون عموم اللغة العربية ويمثِّلون لذلك بغنن النون والميم في حالة الإدغام والإخفاء بل ويزعم آخرون أنّ الزيادة في المدّ من هذا القبيل ... فأما المدّ فلا! ... بل هو ثابت بما ذكرناه في العنصر السابق وبما ورد في كثير من الأشعار والأقوال المأثورة عن العرب , وبكونه ظاهرة صوتية لا تخلو منها أيّ لغة من لغات البشر ولهجاتهم ... وسوف نخصصّ مطلبا مستقلاً للغنّة نبحث فيه عن أصلها ومبدأها أهو القرآن خاصة أو لغة العرب عامة ونكتفي ها هنا بالإشارة إلى وجهٍ ومن وجوه الاختلاف بين تجويد القرآن الكريم خاصة وتجويد كلام العرب عامّة ـ حتى وإن كام وجها مختلفا فيه ـ
? تجويد القرآن دون غيره من الكلام العربي الفصيح يجوز مصاحبته بالتغني
فلعل هذا القدر من البسط كاف للتفريق بين تجويد عموم كلام العرب وبين تجويد القرآن الكريم المقصود بهذا العلم بالدراسة والبحث ...
15) حلية التلاوة وزينة القراءة: ذكره الهذلي في تعريفه وابن الجزري في المقدمة والتمهيد ثمّ تابعهم النّاس على ذلك , وهو أقرب إلى بيان فضل التجويد وميزته منه إلى تعريفه , والقصد أنّ التجويد تحسينٌ وتزيّينٌ للقراءة تماما كما هو الحليّ بالنسبة للنساء ...
16) التغني وتحسين الصوت: ليس التغني من التجويد بل هو وصف زائد وبعضهم يعتبره فنّاً وعلماً آخر منفصل ومستقل عن باقي العلوم هو فنّ المقامات أو فنّ الطبوع له أحكامه وضوابطه التي تخصّه وتميّزه ... وهو يختلف عن التجويد من وجوه شتّى ومناحي عدّة تقدم بحثها وبيانها فلا داعي للإعادة والتكرار ...
17) التمثيل بأحكامه وجزئياته: التمثيل أسلوب علمي وعملي في تعريف الأشياء وتمييزها وبيان كنهها وحقيقتها , لكن بشروط أهمّها:
? أن لا يلجأ إليه إذا وُجِد غيره من العبارات الموجزة الجامعة المانعة ..
? أن لا يوقعنا في الدور بحيث يتوقف معرفة المعرَّف على معرفة هذه الأمثلة والتي بدورها يتوقف معرفتها على معرفة المعرَّف ... (وقد تقدم بحث هذه المسألة)
? أن لا تكون الأمثلة المذكورة أكثر تعقيدا وإبهاما من المعرَّفِ نفسه ...
¥