29) كيفية النطق بالكلمات: ينبغي الإشارة في التعريف إلى أنّ التجويد يتعلق بنطق الكلمات القرآنية لا تفسيرها أو رسمها أو غيرها من العلوم المتعلقة بنفس المادة , ولعل في ذكر الحرف من جهة وذكر مناط النطق والتلفظ به وهو المخرج والصفة أو الحقّ والمستحقّ ما يشير إلى هذه الحيثية والله أعلم ...
30) التواتر: التجويد ورد إلينا بالتواتر لأنّ صفة وكيفية التلفظ بالكلمات القرآنية نقلت إلينا مع ذوات هذه الكلمات وهي متواترة يقول الأستاذ فرغلي سيد عرباوي: "إنّ التجويد إنّما هو وصف للقراءة النبوية التي ورد ضبطها وحفظها من طريق أئمة القراءة كنافع وعاصم والكسائي وغيرهم , وهؤلاء الكرام قد نقلوا حروف القرآن وكيفية نطق هذه الحروف أي: التجويد , وهما أمران متلازمان لا يمكن أن ينفكّ أحدهما عن الآخر , فمن قَبِلَ عنهم نقلُ الحروف لزمه أن يقبل عنهم نقل الأداء أي التجويد."100
31) معرفة الوقوف: هو أحد أهمّ مباحث التجويد وبخاصة الوقف الصناعي المتعلق بكيفية الوقف على أواخر الكلم (الروم , الإشمام , السكون , الإبدال , الحذف , الإلحاق ... ) وحتّى الوقف العام المتعلق بمواضعه فإنّ له علاقة وطيدة بالتجويد لأنّه يؤثّر في كيفية التلفظ بالحروف فهي تتغيّر غالبا إن لم نقل دائما بين الوصل والوقف والابتداء , وقد سُئل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن الترتيل فقال:"هو معرفة الوقوف وتجويد الحروف" لهذا السبب اعتنى به علماء التجويد عناية كبيرة ودرج كثير منهم على ذكره في تعريفهم له ... لكن إذا أمعنا النظر في حقيقة الوقف بالنسبة لتجويد الحروف وتصحيح التلفظ بها إنّما هو أحد العوارض الكثيرة التي تعرض للحرف فتغيّر من ذاته (هاء التأنيث , التنوين , الهمز , هاء السكت ... ) ومن شكله (الإسكان , الروم , الإشمام ... ) ومن صفاته (القلقلة , الإدغام ,المدّ ... ) فهو يخرجه من دائرة حقّه إلى دائرة مستحقّه وبمراعاة مستحقات الحروف يراعى الوقف وأحكامه لأنّه مندرج فيه ولا داعي لتخصيصه بالذكر في التعريف وإن كان لا بدّ من أن يخصّص له بابا كبيرا ًمنفصلاً يبحث فيه مسائله وأحكامه101
32) ذكر أقسامه: المقصود ها هنا قسمي التجويد العلمي المتعلق بالجانب النظري والعملي المتعلق بالجانب التطبيقي؛ فإنّ بعضهم ذكر القسمين في التعريف وكثير منهم عرّف كلّ قسم على حدة والمفروض اجتناب ذكر أقسام التجويد في التعريف لأمور عدّة أهمّها ما يلي:
? هي قسمة وإن كانت وجيهة في أوّل الأمر لما كان لا يزال اللسان العربي مستقيم الطبع أو قريبا من ذلك لا يحتاج إلى كثيرِ دراسة ورياضة وعناية ليصل إلى تجويد الحروف وتصحيحها , أمّا اليوم وقد غلب على كلامنا لسان الأعاجم وامتزجت العربية الأصيلة برطانة اللهجات الدارجة فإنّه يصعب ويشقّ إن لم أقل يستحيل على الواحد منّا أن يتمكن من القراءة المجوّدة الصحيحة دون الوقوف على الجانب النظري من التجويد ودراسته وبحثه وفهمه واستيعابه ...
? ذكر أقسام أيّ علم في التعريف مخالف لمناهج البحث وعرف أهل العلم فلقد درجوا على ذكرها في باب خاص بها مغاير لباب ومبحث التعريف
? ثمّ إنّه ما من علم إلاّ وله جانب علمي وآخر عملي , لأنّ أصل العلم إنّما يقصد به العمل فالتفسير له قواعده وأحكامه والمقصود منه الفهم والتدبّر والفقه كذلك يقصد به العمل بأحكامه والأصول التمكن من الاستنباط ونحو ذلك ... فهل ذكروا هذه التفصيلات والتقسيمات في تعريفاتهم ... بل وهل اشترطوا العمل من أجل العلم هل اشترطوا لمن يريد أن يتعلم أحكام الحجّ أن يحجّ ولمن يتعلم أحكام الاستنباط أن يستنبط أبدا لم يشترط ذلك أحد بل الشرط كلّ الشرط أن لا يحجّ إلاّ من فقه الحجّ ولا يستنبط إلاّ من فقه الاستنباط ولا يجوّد إلاّ من فقه التجويد فأين الفرق بين علم التجويد وغيره من العلوم ـ من هذه الحيثية ـ حتى نشترط فيه ما لم نشترطه في غيره
? وكلّ هذا لا يمنع من الإشارة في التعريف لقسمي التجويد دون التصريح بهما كاستعمال اصطلاح (علم) للإشارة للجانب النظري و اصطلاحات مثل (إعطاء) (قراءة) (تحقيق) ونحوها ممّا فيه إشارة للجانب العملي
¥