ألاحظ أن فعل (قلب) الثلاثي يتعدى إلى مفعول، تقول قلب الشيءَ، وأما ما ذُكر من الأمثلة من استعمال لفظة (أقلب) الرباعي فهو لازم، يقولون: أقلبَ العنبُ، فلا يصح هنا استبدال كلمة (أقلب) بكلمة (قلب)، فلا يقال (قَلَبَ العنبُ). كما لا يصح أن يقال (أَقلبَ الشيءَ) لأن الفعل أقلب لا يتعدى، فالذي يظهر لي أن (أقلب) -هنا- ليس من (قلب)، هذا فقط فيما ألاحظ مما نقلتَه عن الزمخشري والفيروز آبادي رحمهما الله، وكان الأولى أن تنقل عن الفيروزآبادي رحمه الله قوله في القاموس في أول مادة "قلب": (قَلَبَه يَقْلِبُه: حَوَّلَه عن وجْهِه كأَقْلَبَه وقَلَّبَه وأصابَ فُؤادَه يَقْلُبُه ويَقْلِبُهُ و الشيءَ: حَوَّلَه ظَهْراً لِبَطْنٍ كقَلَّبَه و اللَّهُ فلاناً إليه: تَوفَّاه كأَقْلَبَه) فهذا أوضح. وقال الزبيدي في تاج العروس شارحا ومعقبا: (قلب: (قَلَبَه، يَقْلِبُهُ)، قَلْباً، من بابِ ضَرَب: (حَوَّلَهُ عن وَجهِهِ، كأَقْلَبَهُ). وهذا عن اللِّحْيَانِيّ، وهي ضعيفةٌ. وقد انْقَلَبَ. (وقَلَّبهُ) مُضَعَّفاً. (و) قَلَبَه: (أَصابَ) قَلْبَه، أَي (فُؤادَهُ)، ومثلُهُ عبارةُ غيرِه (يَقْلُبُه، ويَقْلِبُهُ)، الضَّمّ عن اللِّحْيَانيّ، فهو مَقْلُوبٌ. (و) قَلَبَ (الشيْءَ: حَوَّلَه ظَهْراً لِبَطْنٍ) اللامُ فيه بمعنى على، ونَصَبَ ظَهْراً على البَدَل، أَي: قَلَبَ ظَهْرَ الأَمْرِ عَلَى بَطنه، حَتَّى عَلِمَ ما فِيه، (كقَلَّبَه) مُضَعَّفاً. وتَقَلَّب الشَّيْءُ ظَهْراً لِبَطْنٍ، كالحَيَّة تَتَقَلَّبُ على الرَّمْضاءِ. وقَلَبَه عن وَجْهِه: صَرفَه. وحكى اللحيانيّ: أَقْلَبَهُ، قال: وهي مرغوبٌ عنها.
وقَلَبَ الثَّوْبَ، والحَدِيثَ، وكُلَّ شَيْءٍ: حَوَّلَه؛ وحكى اللِّحْيَانيُّ فيهما أَقْلَبَه، والمختارُ عندَه في جميع ذالك: قَلَبْتُ.
). اهـ
فهذا يوضح أن (أقلب) غير مرغوب فيه وأنه ضعيف، وأن ما نقل من أن قلب كأقلب غير مختار. والمختار قلب.
وفي المقابل نقل أبو المنذر عن أهل اللغة ضعف كلمة (أقلب) الرباعي، ونقله عن ابن منظور الإفريقي قال: [(قلب) القَلْبُ تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه قَلَبه يَقْلِبُه قَلْباً وأَقْلَبه الأَخيرةُ عن اللحياني وهي ضعيفة]، وعن الزبيدي شارح القاموس وقد نقلنا كلامه فيما سبق،
والقضية تحتاج إلى مزيد بحث عند أهل اللغة، وكنت رجعت قديما إلى كتب اللغة -أعني المعاجم-، وخلصت إلى أن الصحيح عند أهل اللغة استعمال (قلب) الثلاثي، وأن أقلب الرباعي شاذ في اللغة قليل الاستعمال، فلعل الإمام ابن الجزري رحمه الله -وغيره- استعمل مصطلح (الإقلاب) من هذه الحيثية أن بعض العرب استعملوه، لكنه من كلامهم الشاذ المرغوب عنه. ولذلك تركه في مؤلفاته الأخرى.
أما أقلب بمعني إقلاب سيأتي بيانه في كلام صاحب الفجر الساطع إن شاء الله
والسلام عليكم
هذا لم يتضح لي في النقل، إلا أن تقصد أنه أجازه، فهذا نعم، لكن من غير بيان شاف، فإنه أشار إلى كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله، وهو رحمه الله تكلم على غير هذه الكلمة!
والله أعلم
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[23 Aug 2010, 02:45 ص]ـ
السلام عليكم
أشكر الشيخ الفاضل والمشرف الرائع الشيخ ضيف الله الشمراني الذي تفطن لما أقصده، وبالفعل كان كلامي استفزازا للشيخ محمد يحيي شريف، ولكنه استفزاز من باب المداعبة. ودائما ما أقحمه معي في أي موضوع لحبي الشديد له حفظه الله ورعاه وثبته علي الحق.
أما الأخ حكيم بن منصور، وأذكر أن اسمك عبد الحكيم أيضا ولكن لا أذكر أين قرأته.
دعني أوفر عليك المجهود وأريد أن أسألك سؤالين فقط:
الأول: ما المقصود بكلمة ضعيف أو شاذ في اللغة؟
الثاني: بم تفسر ما قاله ابن المجراد واستشهاده بالعلامة ابن حجر بأن ما كان علي وزن فَعَلَ يصلح أن يأتي علي وزن إِفْعَال؟
ولاحظ شيخنا الكريم أنهم يتحدثون عن وزن وليس عن كلمة بعينها.
بارك الله فيكم
والسلام عليكم
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[23 Aug 2010, 03:05 ص]ـ
السلام عليكم
أما الأخ حكيم بن منصور، وأذكر أن اسمك عبد الحكيم أيضا ولكن لا أذكر أين قرأته.
سماني والدي حكيم، ويناديني بعض الإخوة وكبار السن: عبد الحكيم، توقيرا لي وتعظيما لاسم الله العظيم أن يسمى به أحد، فإذا كان عندنا من اسمه حكيم أو حليم أو كريم ونحوه: ينادونه عبد الحكيم وعبد الحليم وعبد الكريم، ظنا منهم أن ذلك واجب، وأفادني بعض مشايخي أن النبي صل1 كان ينادي الصحابي الجليل "حكيم بن حزام" فيقول: يا حكيم، وهو في الصحيح، فدل على جواز التسمية به والمناداة به
دعني أوفر عليك المجهود وأريد أن أسألك سؤالين فقط:
الأول: ما المقصود بكلمة ضعيف أو شاذ في اللغة؟
الثاني: بم تفسر ما قاله ابن المجراد واستشهاده بالعلامة ابن حجر بأن ما كان علي وزن فَعَلَ يصلح أن يأتي علي وزن إِفْعَال؟
ولاحظ شيخنا الكريم أنهم يتحدثون عن وزن وليس عن كلمة بعينها.
بارك الله فيكم
والسلام عليكم
وأما هذان السؤالان فمنكم نستفيد؛ فلو تجيبون أنتم عنهما فتوفرون لي من المجهود أكثر بارك الله فيكم، والذي استشهد بكلام ابن حجر رحمه الله هو ابن القاضي رحمه الله في كتابه الفجر الساطع معقبا على ابن المجراد رحمه الله.
¥