وهذا القول حقٌّ لكن الأمر يحتاج إلى توازن في طرح مدى الدعوة بهذه التفسيرات العلمية للقرآن، وهل أثبتت نجاحها وتميُّزها؟
إنَّ الذي يُخشى منه أن تكون الدعوة بهذه التفسيرات الموافقة للعلوم التجريبية قد أخذت أكبر من حجمها، وأنَّ عدد المتأثرين بها قليلٌ لا يكادون أن يوازوا بعددهم ما يقوم به داعية أو مركز إسلامي يبيَّن للناس هذا الدين الحقَّ.
ومن المعلوم أن الأفواج الكثيرة التي دخلت في الإسلام أسلمت بأبسط من هذا الطرح العلمي، فأغلبهم أسلم لما يجد في الإسلام من موافقته لفطرته التي فطره الله عليها دون أن يصل إلى الإيمان بالله بهذا العلم الذي لا يدركه إلا القليل من الناس.
ثمَّ إنَّ من سيسلم من الباحثين في العلوم التجريبية من الكفار بسبب هذا الإعجاز العلمي يلاحظ فيه ما يلي:
ـ أنه لا وقت عنده لدعوة غيره، بل لتفهم الدين الجديد الذي دان به، بسبب كبر السنِّ ـ في الغالب ـ والانشغال بالأبحاث والتجارب التي تجعله بعيدًا عن تفهُّم هذا الدين وطبيعته.
ـ أنَّ بعض من يسلم منهم يكون إسلامه صوريًا، ولم يتحقق فيه الاستسلام الحقُّ.
ـ أنَّ تأثير هؤلاء يكاد يكون معدومًا، بل لو ثبت إسلامهم قد يُحاربون، ويسفَّهون، ولا يُحترمون في مجتمعاتهم العلمية.
وأخيرًا، فإن بعض من يستسلم لهذه الحقائق المذكورة في القرآن أو السنة، يأخذها بنظره العلمي التجريبي، ولا يدرك حقيقة الوحي، وأنَّ هذا القرآن من عند الله، فبينه وبين ذلك حجاب مستور، والله أعلم.
ومن ثمَّ، فإن العناية بالأمر الأول ـ وهو البحث التجريبي والنظر في هذا الكون والتدبر فيه ـ يجب أن تكون أكبر وأكثر من العناية بالأمر الثاني ـ وهو ما يسمى بالإعجاز العلمي ـ لوجهين:
الوجه الأول: أنه هو المجال الوحيد الذي سبقنا فيه أعداؤنا، ولابد لنا من منافستهم في ذلك، والسعي للتقدم عليهم فيه.
الوجه الثاني: أنه عندما يقوم الباحثون المسلمون بتلك البحوث نضمن أنهم لن يصلوا إلى نتائج خاطئة مخالفة للكتاب والسنة، بل إنهم سوف يعيدون النظر في بعض النتائج المخالفة للكتاب والسنة التي وصل إليها البحث الغربي الكفار.
وإذا بقي همُّنا منصبًّا على العناية بما يسمى بالإعجاز العلمي لإثبات صحة هذا الدين لأولئك الذين لا يؤمنون إلا بالحقائق المادية، فإننا سنبقى عالة على الغرب ننتظر منه كل جديد في العلوم، ثمَّ نبحث ما يوافقه في شرعنا، ولا يخفاك ما دخل علينا من هذه العلوم مما هو مخالف لشرعنا، وما ذاك إلا بسبب أنَّ موقفنا نحن المسلمين موقف التلميذ الضعيف المتلقي الذي يشعر أنه لا شيء عنده يمكن أن يقدمه.
والبحث العلمي بلا قوة تحميه لا يمكن أن ينفعل في الواقع، لذا لابدَّ من أن يواكب العلم قوةٌ تكون في الأمة كي تدعم هذا العلم وتحافظ عليه، وإلا صار ما تراه من هجرة العلماءِ عن ديار المسلمين إلى ديار الغرب الكافرة.
وأسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأرجو أن يبعد عني وعنكم الشطط والتحامل في هذه القضية وفي غيرها، وإن هذه القضية بالذات حسَّاسة، وتدخلها العواطف، ويبرز في الردَّ على من يعترض عليها الكتابة الخطابية، فتخرج عن كونها قضية علمية تحتاج إلى تجلية وإيضاح إلى قضية دفاع عن مواقف وشخصيات.
وأقول أخيرًا: إنَّ في الموضوع قضايا كثيرة تحتاج إلى تجلية وإيضاح، ولولا ضيق المقام لأشرت إليها، وإني أسأل الله أن يوفقني ويعينني على الكتابة فيه على منهجٍ عدل وسط لا شطط فيه.
د. مساعد الطيار
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Jun 2008, 02:35 م]ـ
يرفع للفائدة.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[16 Aug 2008, 05:58 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[الغني بالله]ــــــــ[19 Aug 2008, 01:47 ص]ـ
جزاك الله شيخنا الكريم.
أحيانا يجد الواحد منا بحثا قام الغرب به وتوصلوا بعد لأي إلى حقيقة موجودة في القرآن بالنص خذ على سبيل المثال بناء الأهرامات اكتشفوا بالأدلة التي لا تقبل الجدل أنها بنيت من الطين الذي سخن بالنار لدرجة عالية والقرآن قد أشار إلى ذلك.
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [القصص: 38].
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[20 Aug 2008, 02:31 م]ـ
جزى الله شيخنا خير الجزاء على ما سطرته يداه
ويعلم الله وحده كم تعب في هذه النتائج والتحريرات
فلا تنسوه من صالح دعاءكم
ـ[محمد حامد سليم]ــــــــ[22 Aug 2008, 08:07 ص]ـ
أستاذنا الدكتور مساعد طيار
واستاذنا الدكتور عبد الرحمن الشهري
بارك الله بكما
عذرا لندرة مشاركاتي في الملتقى ولكن لي رجاء هو الدخول على هذين الرابطين
مع رجاء قراءة الموضوع الى نهايته بمشاركات الأعضاء لأن بها مجموعة من الأفكار
الرابط الأول:
http://www.aljanh.net/vb/showthread.php?t=24576
الرابط الثاني:
http://www.aljanh.net/vb/showthread.php?t=24370
أعلم أنه سيأخذ من وقتكم ولكن ارجو أن يكون ما أردت من فكر أن يصل الى أولي الأمر
وقبلها أعرف رأيكم في هذه الأفكار
شاكرا لكم سعة صدركم
محمد حامد سليم
¥