تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قِبل المستشرقين ودوافعها وخطرها

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Apr 2007, 05:56 ص]ـ

إعداد / د. محمد حمادي الفقير التمسماني

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد أنزل الله كتابه العظيم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين، وأمره بتبليغه إلى الناس أجمعين، وتولّى حفظه بنفسه فقال:] إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُوْن [(الحجر:9) وهيأ له رجالاً مخلصين ذادوا عن حرمته، وتصدوا لكل المحاولات التي تهدف إلى تشويهه، وبذلوا جهوداً خيرة في كشف زيف ما يثيره أعداؤه عنه من أباطيل وأكاذيب.

هذا وإن أخطر حملة عدائية واجهها القرآن العظيم هي تلك الهجمة الشرسة التي شنَّها المستشرقون عليه، فكان أول همهم أن يبحثوا لأوروبا عن سلاح غير أسلحة القتال، لتخوض المعركة مع هذا الكتاب الذي سيطر على الأمم المختلفة الأجناس والألوان والألسنة، وجعلها أمة واحدة، تعد العربية لسانها، وتعد تاريخ العرب تاريخها، وقد لخَّص (وليم غيفورد بلغراف) عداء الغربيين وحربهم للقرآن في كلمته المشهورة: "متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العرب يتدرج في سبل الحضارة التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه" ([1])

ولا ريب أن هذه الصورة بدأت تتغير قليلاً الآن، ولكن التيار القوي في مراكز الاستشراق والكنائس الغربية، ومعاهد الدراسات ما زال هو التيار المعادي للإسلام المتحفظ تجاهه.

لقد نتج عن حقدهم وكراهيتهم بانقطاع صلة معظمهم بالعالم العربي ولا سيما بعد استمرار تدهور العلاقة بين المستشرقين والعالم العربي بداية من النصف الأول من هذا القرن (القرن العشرين) ([2]).

إن خطر معاداتهم وحربهم للقرآن الكريم قد اشتد وتزايد أواخر هذا القرن وحتى أيامنا هذه، نتيجة كون تلك الأحكام السابقة والضلالات التي ينتجها العقل الاستشراقي لم تعد محصورة في المجال الجامعي، فقد تلقفها الإعلام الماكر وأخذ ينشرها على أوسع نطاق، وتسرَّب الكثير منها أيضاً إلى المناهج الدراسي في معظم البلاد الأوربية، وبهذا يربون الأجيال الجديدة على كراهية المسلمين ويعدونهم لقبول أية قرارات بحصار الشعوب المسلمة، والموافقة على أية تدخلات عسكرية لحماية القرن الحادي والعشرين!

وهنا تتجلى أهمية الموضوع الذي نحن بصدد الحديث عنه ألا وهو "تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين ودوافعها، وخطرها"

أهمية الموضوع:

تتلخص أهمية الموضوع فيما يأتي:

أولاً – كون المؤسسة الاستشراقية قد نجحت بالفعل في تقديم مادة معرفية مزورة ومشوهة عن القرآن الكريم، وبالطبع لن يعرف تشويهها وخطرها إلا من أوتي معرفة منطلقة من الأصول الصحيحة، وإلا فإنه سينزلق مثلما انزلق كثير من المعاصرين من أبناء هذه الأمة.

ثانياً – ما يقتضيه واجب التبليغ والدعوة، فعلى الداعية المسلم – لا سيما في أيامنا هذه – أن يقف على ما يثيرونه من شكوك وشبهات، ويتصدى لها بالعلم والمعرفة، ويواصل جهوده بخطى ثابتة من غير كلل ولا ملل؛ لأن الناس في حاجة ماسة إلى ترجمة صحيحة ووثيقة، لكي يفهموا كلام الله سبحانه وتعلى الذي قرر فيه أوامره ونواهيه، بل إنَّ كل مسلم مطالب شرعاً بعرض كلام ربه على غيره بشكل واضح وسليم، كي يحصل على صورة إيجابية وصحيحة لهذا الكتاب الجليل، فإن جل الذين أسلموا من كبار علماء العالم هم ممن خوطبوا به في البداية بلغتهم، وفهموا الإسلام بتلك اللغة.

ثالثاً – كون ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية الواسعة الانتشار أصبحت اليوم ضرورية بصفة مبدئية، نخص منها: الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وذلك بهدف أن يقرأ، الناس جميعاً مسلمين وغير مسلمين من غير أهل لغة الضاد في ترجمة أمينة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير