[لماذا يتهافت الغرب على قراءة القرآن؟!]
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2004, 05:20 م]ـ
[لماذا يتهافت الغرب على قراءة القرآن؟!]
ترجمة: إدريس الكنبوري
عن"لوموند" الفرنسية
كانت "راشيل" ترغب دائما في أن تقتني مصحفا، فطالما حدثها أبوها عنه. كان يتلو عليها أحيانا بعض الآيات، ومازالت "راشيل" تتذكر تلك الآية الكريمة: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا".
لذلك قررت "راشيل" –وهي طالبة في العشرين من عمرها- ذات يوم سبت أن تجوب شوارع باريس كلها، لتشتري مصحفا يماثل ذلك الذي يوجد في منزل والدها من حيث حجمه الكبير، ومداد خطه المذهب. وفجأة وجدت نفسها في إحدى المكتبات وأمام عشرات من النسخ المبعثرة على الرفوف، إختارت واحدة، تلألأت عيناها وهي تتصفحه بلطف وسكون، ثم انصرفت.
أما كريمة، فلم تكتف بنسخة واحدة، بل أخذت نسخا متنوعة حتى تتمكن من المقارنة والتحليل، لأنها تعتقد بأن ترجمة القرآن تختلف من شخص إلى آخر، لذلك وجب التحقق لفهم المعنى.
وتقول نادية، وهي تلميذة في الثانوي: "إني قررت ألا أطالع أي شيء يتعلق بالدين لأنني لا أستطيع أن أستوعب ذلك، فأنا أرغب في أن يرشدني أحد", وتأسف لكون الأسئلة العديدة التي توجهها إلى أمها لا تجد عنها أجوبة، لأنها أمية، وتعتبر ذلك سببا في ضعف معرفتها بثقافة بيئتها، لأنها لا تعرف عنها سوى النزر القليل.
ولا يتردد "جون شليلات" ,العامل بمكتبة ابن سينا المتخصصة في باريس, في القول بأن الشغل الشاغل للمسلمين هو عملهم والحرص على نجاح أبنائهم في الحياة، ويعتقد بأن جلهم لا يعرف شيئا عن القرآن، ولكن حينما يأتون إلى فرنسا، فإن سحرا ما يجذبهم إلى هذا الكتاب السماوي.
إن راشيل ونادية وكريمة لسن سوى عينة مصغرة من مئات القراء الذين تحولت رغبة المطالعة لديهم صوب كتاب الله (القرآن) بشكل ملفت للأنظار، وبالخصوص بعد الاعتداءات الأخيرة على أمريكا في 11 سبتمبر.
قد يبدو للوهلة الأولى أن القرآن أصبح أكثر الكتب مبيعاً, في حين أن الأمر يتعلق بظاهرة، لكون المخزون من نسخ القرآن نفذ من أكبر المكتبات بتولوز وليل وستراسبورغ ومارسيليا، فالقرآن يباع عادة في فرنسا وبوتيرة عالية في شهر رمضان, إلا أنه بعد أحداث أمريكا فاقت المبيعات كل الأرقام.
وأمام تعدد أسئلة القراء، كان لابد من إيجاد الأجوبة المقنعة. لذلك كان طبيعيا أن يحتكم هؤلاء إلى القرآن، لأنه يشكل الأصل والمرجع لفهم الإسلام, فهذا النص السماوي يحتوي على 114 سورة, وفهم دلالات آياته الكريمة يعني بالضرورة عدم الاكتراث بما يروج في وسائل الإعلام، وما ينتج عن ذلك من مغالطات لاتفيد في شيء.
ويتساءل "بيير" الذي يعمل مراقبا في مجال التدبير عن حقيقة الاتهامات التي يوجهها الغرب عن المسلمين: هل بإمكان القرآن الرد عليها. لان المسألة تهم مليار ومائتي مسلم في العالم، ويبدو سؤاله مبررا منطقيا خاصة إذا علمنا أن الإسلام يعتبر الديانة الثانية في فرنسا من حيث درجة الاعتناق، وعلى هذا الأساس يقترح "بيير" أن يكون القرآن جزءا من ثقافة فرنسا المعاصرة.
إن اهتمام الغرب بالقرآن الكريم، لم يكن وليد أحداث 11 سبتمبر كما يؤكد خطيب مسجد باريس، فالتاريخ يذكرنا بأن نابليون حينما قام بحملته الشهيرة على مصر كان شديد الاهتمام بفهم معاني القرآن, وكان يبدي تأثرا لبعض الآيات فيه, بل استطاع أن يتلو أمام اندهاش سكان القاهرة بعض الآيات إلى درجة أن "فيكتور هيجو" لقبه بنبي الغرب. ويضيف الخطيب في هذا الصدد بأن اهتمام وشغف الغرب بمعرفة القرآن ازداد فعلا بعد الاعتداءات الأخيرة على أمريكا. لذلك ينصح القارئ الغربي بضرورة نهج طريقة علمية لفهم القرآن، من خلال فهم الظروف التي نزل فيه القرآن أولا، وإدراك الإطار العام الذي تندرج في سياقه كل آية في مرحلة لاحقة, لأن القرآن قبل كل شيء ليس بالبضاعة التي تشترى أو كتابا للمطالعة، بل هو كتاب الله الذي يدعو إلى طاعته بالحجة والإقناع, وهو الكتاب الذي يقول فيه الحق: "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله".
¥