[الحجاب يتحدى ...]
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[03 Jun 2007, 07:48 ص]ـ
الحجاب يتحدى
د. أحمد إدريس الطعان
كلية الشريعة – جامعة دمشق
بريد إلكتروني: [email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
قال الله عز وجل ? وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ... ? سورة النور آية 31
وقال عز وجل ? يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ? سورة الأحزاب آية: 59
لقد كانت فريضة الحجاب فريضة محكمة أراد الله عز وجل من خلالها أن يحفظ للمرأة كرامتها من الامتهان، وعرضها من الابتذال، وذلك بسترها لجسدها ومفاتنها، حتى تتمكن من القيام برسالتها الإنسانية إلى جانب الرجل وتكف طرفه عنها لكي لا يطمع في شرفها من في كان قلبه مرض ? فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ? سورة الأحزاب آية: 32
إن الآيات الكريمة السابقة نسيج واحد يحتوي على مجموعة من الوصايا التي تكرم المرأة، وتهيئها لحمل رسالتها كإنسان مكمل لنصفها الآخر: الرجل.
- فلتغضض من بصرها كما أُمر الرجل.
- ولتحفظ فرجها مثلها مثل الرجل.
ثم تتميز المرأة تبعاً لتكوينها الذي خلقها الله عز وجل فيه ووظيفتها التي أناطها الله عز وجل بها ببعض الأوامر والوصايا:
- فلا تبدي زينتها إلا لمن سمّاهم الخالق عز وجل.
- وتضرب بخمارها على رأسها وعنقها وصدرها.
- وتحرص على أن حالها مبني على الستر دائماً فتدني على جسدها جلباب اللباس والقماش وعلى نفسها وكرامتها جلباب الحياء والفضيلة.
- وتجدّ في لهجتها وحديثها، وتخفض من صوتها وضحكها، وتختار الكلمة المناسبة مع المقام المناسب بحسب الحال والمآل حتى لا يطمع بها مرضى القلوب.
وحين تتحقق المرأة بهذه الوصايا فلا عليها أن تكون عنصراً فاعلاً في الحضارة إلى جانب الرجل تشاركه في محافل العلم والعمل والجهاد والتربية والدعوة ولم يمنعها حجابها من كل ذلك ولم يعق حركتها ولم يعرقل مسيرتها.
المطلب الأول - العلمانية والحجاب
وقد أدرك الغرب أن حجاب المرأة المسلمة – المسلمة فقط - رمز للتحدي يشكل خطراً على إيديولوجيته العلمانية ولذلك قرر منع الحجاب. فشعاراته البراقة، وشعارات الثورة العلمانية كلها ركلت بالأقدام في سبيل منع الحجاب وبدا للناس جميعاً حقيقة طالما خفيت عليهم وهي أن شعارات الحرية والديمقراطية إنما هي مجرد أوهام وأحلام خدعوا بها.
سألت أستاذاً علمانياً ينسب نفسه إلى الفلسفة لماذا منعت الدولة التي ترفع لواء العلمانية المرأة المسلمة من حجابها؟! فقال لي: - ولعله يسترضيني – هذا في الحقيقة شرخ كبير في العلمانية كان عليها أن لا تقع فيه، ولكن العلمانية تصحح أخطاءها ومساراتها دائماً. فقلت: إن هذا الشرخ ليس في المظهر، ولا في كونه مجرد نزوة عابرة، أو خطأ في الممارسة وإنما هو نتاج للخلل في الأساس العلماني، وهو شرخ في القاعدة الفلسفية التي تقف عليها ظاهرة العلمانية.
لقد صدع العلمانيون رؤوسنا في التنكيل بالأنظمة المستبدة، والتغني بالحرية والمساواة والديمقراطية ونحن معهم في ذلك. كما تحدثوا عن الفاروق عمر على أنه " المستبد العادل " أي أنه الخليفة الذي يمتلك كل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وهو بنظرهم اتجاه لم يعد صالحاً لهذا العصر، والبديل له بنظرهم دولة المؤسسات العلمانية التي لا سلطان لأحد عليها إلا للعدالة.
والسؤال الآن: إذن لماذا ضاق الغرب ذرعاً بحجاب المرأة المسلمة فكشر عن أنيابه وأصدر قراراً بمنعه؟ كيف استطاع أن يفعل ذلك ما دامت المؤسسات العلمانية القانونية هي التي تحكم ولا سلطان لأحد عليها؟
¥