[شارك في نقد كتاب (جمع القرآن) بقلم المستشرق جون جلكرايست - المقدمة]
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[31 Mar 2004, 02:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
في الحقيقة أنا ترددت في عرض هذا الأمر عليكم إخواني الأفاضل لهيبتي منكم أولاً و لخشيتي ألا ينال الموضوع تأييدكم ثانياً ثم إني فكرت و أعدت التفكير و قلت لنفسي: هؤلاء هم علماء القرآن و الذابين عنه و المدافعين عن حماه فإن لم تضع اقتراحك أمامهم فلن تضعه أبداً.
حسنٌ , لندخل في الموضوع ... كتاب جمع القرآن بقلم جون جلكرايست - و هو منصر بروتستانتي محترف - من الكتب ذات الشعبية الكاسحة بين النصارى و هو كتاب لطيف اللغة سهل القراءة للشخص العامي لبعده عن التعقيدات الأكاديمية التي تجدها في كتب المستشرقين و المبشرين الذين تناولوا موضوع جمع القرآن و تاريخ النص القرآني بالبحث أمثال تيودور نولدكه و ريتشارد بيرتون و آرثر جيفري و غيرهم.
و الكتاب يهدف إلى التشكيك في القرآن كنص محفوظ على مر الأجيال و خلاصته هي كما كتب مؤلف الكتاب ...
القرآن تم جمعه قطعة قطعة و لم يتم جمعه في حياة النبي - صلى الله عليه و سلم - و كانت تتم تلاوته بألسنة الصحابة و قراءته بلهجات متعددة. لذا نجد أن النص متناسق مع بعضه البعض - كما نتوقع - على الأقل في الخطوط العريضة.
بعد موت محمد - صلى الله عليه و سلم - فقدت أجزاء من القرآن بلا رجعة مع استشهاد العديد من القراء في موقعة اليمامة. هذه الواقعة - بجانب اكتمال نص القرآن بوفاة وسيط الوحي - ألهمت عدد من الصحابة بكتابة مصاحفهم الخاصة. هذه المصاحف كانت متفقة إلى حد كبير في المحتوى العام و لكن تضمنت كماً هائلاً من القراءات المختلفة التي أثرت على النص و وجدت في كل المصاحف حتى أنه لم يوجد مصحفان متطابقان. فضلاً عن ذلك كان القرآن يتلى بلهجات متعددة في مختلف الأقطار الإسلامية.
أثناء حكم عثمان - رضي الله عنه - برزت محاولة تستهدف " تعيير " القرآن (= وضع نص عياري أو قياسي) و فرض نص موحد على الأمة. تم اختيار مصحف زيد بن ثابت لهذا الغرض لأنه كان متاحاً و كان محفوظاً بعيداً عن الأيدي لسنوات عدة و لم يكتسب نفس الشعبية التي نالها مصحف عبد الله بن مسعود و مصحف أبي بن كعب. باختصار تم تدمير كل المصاحف المخالفة و بالتالي صار مصحف زيد هو النص القياسي للعالم الإسلامي بأكمله.
رغم ذلك ظلت روايات عديدة تبين أن فقرات محورية قد فقدت من النص. فضلاً عن هذا كان لا بد من مراجعة النص و إصلاحه ليلائم احتياج الخليفة إلى نص موحد معتمد. و رغم ذلك بعد موت عثمان قام الحجاج حاكم الكوفة بعمل 11 تغييراً و إصلاحاً للنص.
و لأن المصحف القديم كان مكتوباً بالحروف الساكنة فقط فقد ظلت القراءات المتعددة و لم تتأثر بما عمله عثمان - رضي الله عنه - حتى مضت ثلاثة قرون وقام أحدهم و يدعى ابن مجاهد بحصرها في سبع قراءات محددة المعالم لتتفق مع رواية تقول أن القرآن نزل على سبعة أحرف رغم أن الرواية لم تحدد معنى السبعة أحرف.
و على مدار القرون التالية ظل القرآن يقرأ على سبعة قراءات حتى اندثرت تدريجياً خمسة منها و صار القرآن يتلى حسب قراءة حفص و ورش. و بظهور القرآن المطبوع أخذ القرآن بقراءة حفص السيادة العلمية.
النص القرآني كما يقرأ و يتلى اليوم إنما هو " إصدار " زيد تم تصحيحه عند اللزوم ثم إصلاحه على يد الحجاج ثم تلاوته حسب إحدى القراءات السبع. هذه هي الحقيقة بعيداً عن الاعتقاد الشائع بوجود نص وحيد مباشرة من محمد - صلى الله عليه و سلم. الحقيقة إذن - اعتماداً على كل الأدلة المتوافرة - تبين أن القرآن قد وصلنا بعد مراحل موسعه من الإصلاح و الحذف و التعيير الذي تم فرضه لنص تم تفضيله على يد خليفة متأخر و ليس بتوجيه نبوي أو أمر إلهي.
القرآن هو نص موثق بمعني أنه يحفظ إلى حد كبير المواد التي سلمها محمد - صلى الله عليه و سلم. لا يوجد دليل بوجود إضافات للنص و بالنظر للعديد من القراءات الموجودة و النصوص الناقصة لا يوجد ما يمكن اعتباره مضراً أو متناقضاً مع المحتوى العام. و بهذا الاعتبار يمكن التفكير في موثوقية نسبية لهذا الكتاب باعتبار أنه يحفظ التعاليم الأساسية التي كانت موجودة في الأصل. و على العكس لا يوجد أساس تاريخي أو واقعي للنظرية المحببة بأن القرآن قد تم حفظه لآخر نقطة و لآخر حرف.
هذا هو ملخص الكتاب و الكتاب مليء بعشرات الشواهد و الأدلة على هذه المزاعم.
إذن ما هو المطلوب؟؟ اقتراحي هو أن أضع هنا أحد فصول الكتاب ثم نقوم جميعاً - مشرفون و أعضاء - بتفنيد مزاعم هذا المبشر و أدلته و كشف زيفها و مناقشتها في ورشة عمل موسعة و بعد ذلك يقوم أحدنا بتنسيق كل الردود و الإجابات في صورة رد علمي موثق بالأدلة و البراهين صادر من ملتقى أهل التفسير. ثم ننتقل إلى الفصل الذي يليه و هكذا ..
يا إخواني هذا مشروع طموح و عظيم الثواب و أرجو ألا أكون قد بالغت في أحلامي. كما أنه سوف يشكل دعاية جبارة للمنتدى فالناس تقبل على مواضيع دحض الشبهات و خاصة في هذا العصر الذي تحالف فيه أعداء الإسلام للنيل منه و من كتابه فما رأيكم في اقتراحي؟
لكن ما نحن صانعون امام هذه الحملات هل سنكتفي بترديد " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ", إن للبيت رب يحميه , ليكن هذا حجة للكسل والتخاذل , أم سنكون من أدوات تحقيق هذا الوعد , ونعمل على وقف هذه الهجمات بالعمل على كل الجهات وفي كل الجبهات , اسأل الله أن يجعلنا من أنصار دينه.
هل استجاب الله لدعوتك يا أستاذنا الفاضل بأن يجعلنا من أنصار دينه؟
اللهم آآآآميييين!
¥