[رضاع الكبير]
ـ[أبو أحمد عبدالمقصود]ــــــــ[22 May 2007, 07:49 م]ـ
[رضاع الكبير]
قال الشافعي رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير فقال أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد كان شهد بدرا وكان قد تبنى سالما الذي يقال له سالم مولى أبي حذيفة كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فأنكح أبو حذيفة سالما وهو يرى أنه ابنه فأنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهي يومئذ من المهاجرات الأول وهي يومئذ من أفضل أيامى قريش فلما أنزل الله عز وجل في زيد بن حارثة ما أنزل فقال ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آبائهم فإخوانكم في الدين ومواليكم رد كل واحد من أولئك من تبنى إلى أبيه فإن لم يعلم أباه رده إلى الموالي فجاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة وهي من بني عامر بن لؤي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله كنا نرى سالما ولدا وكان يدخل علي وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى في شأنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا أرضعيه خمس رضعا فيحرم بلبنها ففعلت فكانت تراه ابنا من الرضاعة فأخذت عائشة بذلك فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن لها من أحبت أن يدخل عليها من الرجال والنساء وأبي سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن ما نرى الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل إلا رخصة في سالم وحده من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد فعلى هذا من الخبر كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في رضاعة الكبير أ. هـ
هذا النص ذكره الشافعي في الأم وقد تعمدت ذكره بسبب التفاصيل التي فيه. ثم نقول وبالله التوفيق.
أولا: الحديث ثابت وصحيح ولا ريب فيه. وهو في الصحيحين البخاري (5088، 4000) ومسلم (1453) وثبت في غيرهما من كتب السنة المطهرة.
ثانيا: الحديث مشكل ويحتاج لإيضاح، لأن الكثيرين ممن خاضوا فيه لم يعلموا سبب وروده ولا تصريف أهل العلم لوجوه الفهم فيه التي تتسق مع الثابت المستفيض من السنة النبوية المطهرة.
ثالثا: بهذا الحديث طعن بعض الرافضة وأدعياء العلم في صحيح البخاري وزعموا أن الحديث يتعارض مع القرآن الكريم والعقل.
رابعا: الذين يسخرون ويتهكمون من حديث النبي صلى الله عليه وسلم يخشى على دينهم لأن هذا عمل أهل النفاق في كل زمان ومكان كما قال سبحانه: ((وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون)) {التوبة: 125، 124}.
خامسا: أختلف العلماء في الحديث تبعا لاختلاف زوجات النبي صلى الله عليه وسلم هل هو عام أو خاص.
- فذهب البعض إلى أنه عام، وهو قول عائشة رضي الله عنها.
- وقيل خاص لسالم ولسهلة، وقال به بعض أمهات المؤمنين رضي الله عنهما، وقال الشافعي بعد أن ذكر الحديث وهذا والله تعالى أعلم في سالم مولى أبى حذيفة خاصة.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " حديث سالم مولى أبي حذيفة خاص بسالم كما هو قول الجمهور لصحة الأحاديث الدالة على أنه لا رضاع إلا في الحولين وهذا هو الذي نفتي به " أ. هـ (مجموع فتاوي ابن باز 22/ 264) وقال الحافظ ابن عبد البر: " هذا يدل على أنه حديث ترك قديما ولم يعمل به، ولا تلقاه الجمهور بالقبول على عمومه، بل تلقوه على أنه خصوص ". انظر شرح الزرقاني على الموطأ 3/ 292، وقال الحافظ الدارمي عقب ذكره الحديث في سننه: " هذا لسالم خاصة ".
- وذهب شيخ الإسلام أنه يجوز إذا وجدت الحاجة كما حدث في قصة سهلة وسالم.
خامسا: لا يلزم من ذلك أن يكون سالما رضع ثديها، لأنها لم تكن محرمة له، ولا يجوز أن يمس شيئا منها ما دام أجنبيا فكيف بالثدي، ولكن تقوم المرأة بوضع الحليب في إناء ثم يشربه على أن يكون خمس رضعات.
- قال ابن عبد البر: صفة رضاع الكبير أن يحلب له اللبن ويسقاه فأما أن تلقمه ثديها، فلا ينبغي عند أحد من العلماء.
¥