تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرة في مفهوم " العلم"في القرآن الكريم وعند علماء المسلمين]

ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[19 Apr 2006, 01:45 ص]ـ

[نظرة في مفهوم " العلم"في القرآن الكريم وعند علماء المسلمين]

صفة العلم هي من الصفات الإلهية، وبهذه الصفة ينكشف المعلوم لله تعالى انكشافا تامة، وقد شغل مفهوم العلم في القرآن الكريم حيزا هاما من الآيات، والناظر في القرآن يجد أن الله تعالى أضاف العلم لنفسه، من ذلك قوله تعالى في سورة البقرة «والله يعلم وأنتم لا تعلمون» [الآية:216] وإضافة العلم لله جاءت في القرآن الكريم بصيغة مختلفة منها صيغة " أعْلم" قال تعالى: «والله أعلم بما يكتمون» [167 آل عمران] وصيغة " عليم" «والله عليم بالظالمين» [95 سورة البقرة] وصيغة " علَّام " «إنك أنتم علَّام الغيوب" [109 المائدة] ... واختلاف هذه الصِّيغ لبيان أن صفة العلم من أعظم الصفات الإلهية شأنها كشأن القدرة والإرادة ...

وكما أضاف الله تعالى العلم لنفسه أضافه للإنسان، قال تعالى " فأمَّا الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم " [26 سورة البقرة].

وفي واقع الأمر يعسر علينا أن نضع تعريفا دقيقا قبل بيان العلاقة بين العلم وبعض المصطلحات المرادفة له أو المتناقضة معه.

العلم والظن:

هناك فرق بين العلم والظن والذي ينظر إلى نظرية المعرفة عند المسلمين يجد أنهم فرقوا بينهما تفريقا دقيقا وذلك في إطار نظرة كلية قسمت موقف الإنسان اتجاه الموجودات إلى خمس مراحل:

العلم: هو معرفة الشيء على ما هو عليه‹1 ›، والفرق بين العلم واليقين أن اليقين هو العلم بالشيء «بعد النظر والاستدلال، ولذلك لا يوصف الله باليقين» ‹2 ›

الجهل: «اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه» ‹ 3›، والجهل يعد مرحلة إذا نظرنا إلى حكم الجاهل على الشيء الذي يجهله

الشك: هو الوقوف على حد الطرفين، بلا ترجيح‹4 › فإن رجح أحد الأمرين على الآخر، فالراجح هو الظن والمرجوح هو الوهم، بناء على هذا يكون تعريف الظن والوهم على هذا النحو:

الظن: هو ترجيح أحد الاحتمالين على الآخر،‹ 5› أي الأخذ بالطرف الراجح مقابل المرجوح.

الوهم: هو الطرف المرجوح، مقابل الراجح‹6 ›.

إذا الشك يفصل بين الظن والوهم من جهة وبين العلم والجهل من جهة أخرى، وهناك تقابل بين الظن والوهم من جهة، وبين العلم والجهل من جهة أخرى.

ويمكن تطبيق هذه المراحل على المثال التالي، وليكن هذا الشيء قدوم زيد مثلا، فموقف الإنسان [أي إنسان] يتمثل: بالجهل بقدومه،أو الوهم بقدومه، أو الشك بقدومه، أو الظن بقدومه، أو العلم بقدومه.

وما قلناه عن قدوم زيد، يصلح أن يكون مثالا لكل ما هو موجود من عالم الشهادة/ عالم الحس، أو الغيب.

بعد هذا التوضيح كيف نعرف العلم؟

من خلال ما تقدم يكمن القول إن العلم يمثل أعلى مستويات المعرفة، بحيث يكون المرء على علم بالشيء الذي يريد معرفته، وبذلك يكون العلم «صفة ينكشف بها المطلوب انكشافا تاما» ‹ 7‹، بحيث يحصل ذلك المطلوب «في النفس حصولا لا يطرق إليه احتمال كذبه» ‹8 ›.

ولابد من البيان أن نظرية المعرفة وقع الاهتمام بها من قبل المسلمين اهتماما كبيرا، وذلك لأن تصور الإنسان عن الكون والإنسان والحياة لابد أن يكون صحيحا وهذا هو السر في اهتمام المسلمين بالمعرفة لذا استفتحت كثير من كتب المسلمين مباحثها بالتحدث عن المعرفة، انظر على سبيل المثال:الباقلاني [ت:403]، في كتابه" تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل"، الماوردي [ت429] " أعلام النبوة "، الجويني [ت:478]، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، القاضي عبد الجبار [ت:415] في كتابه"شرح الأصول الخمسة" بل خصص القاضي عبد الجبار،الجزء الثاني عشر من موسوعته الكلامية [المغني في أبواب التوحيد والعدل] للمعرفة، مطلقا عليه اسم"النظر والمعارف" الآمدي [ت:631] في كتابه" أبكار الأفكار".

هذا الاهتمام الذي أولاه المسلمون لقضية المعرفة، نابع من خطورة هذه القضية، إذ يندرج تحتها كل مواقف الإنسان مما هو موجود، بما في ذلك وجود الله، وبعثة الرسل ... وهذا ما يفسر وضع مبحث المعرفة في صدارة مؤلفاتهم، فكأنها المؤسسة لما يأتي من بعدها، من مباحث.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير