تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ما رأيكم بهذا الرد على تلك الشبهة؟]

ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[24 Jun 2005, 07:31 م]ـ

الإخوة الأفاضل ...

عندما قرأت كلام الأخ المكرم أبي مجاهد العبيدي ناقلاً عن الشهيد الحي سيد قطب قوله: " أما القاعدون من المسلمين الباحثين والمفسرين الذين لا يتحركون حركة علمية بالقرآن فهم لا يفهمون القرآن، ولا يحسنون تفسيره، ولا يدركون منهجه. إن هذا القرآن لا يتذوقه إلا من يخوض مثل هذه المعركة ويواجه مثل تلك المواقف التي تنزل فيها ليواجهها ويوجهها، والذين يتلمسون معاني القرآن ودلالته وهم قاعدون يدرسونه دراسة بيانية أو فنية لا يملكون أن يجدوا من حقيقته شيئاً في هذه القعدة الباردة الساكنة، بعيداً عن المعركة، وبعيداً عن الحركة ".

تذكرت شبهة كانت تؤرقني ـ منذ أكثر من سنة ـ ليل نهار ... دون أن أجد لها جواباً شافياً ...

ونص الشبهة كما يلي: " ويظهر ان محمداً كان يغير الايات أو يضيف اليها اذا اشتكى بعض الناس أو سألوه سؤالاً، فمثلاً، كما يقول البخاري، لما نزلت الاية 95 من سورة النساء: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم ... " اشتكى رجل اعمي (ابن أم مكتوم) للنبي قائلاً: اني اعمى ولن استطيع الجهاد ولذلك سيفضل الله المجاهدين عليّ. فأضُيفت الى الاية " غير أولي الضرر" واصبحت: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون .. ".

رواه البخاري

توضيح الشبهة: لو لم يكن ابن أم مكتوم رضي الله عنه في المجلس .. هل كان النص القرآني سيتغير بإضافة: " غير أولي الضرر " أم سيبقى دون أضافتها؟!

ظاهر الرواية يبين أن ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان ((سبباً)) في تعديل " النص " القرآني.


وعندما رجعت إلى كتب شروح الحديث والتفسير وجدت جميع المفسرين الأقدمين، وأكثر المحدثين يذكرون تلك الرواية دون تعقيب ودون أن تثير في أنفسهم تساؤل المنصرين.

وهم معذورون في هذا، فنحن " بالمطلق " نأخذ تلك الروايات على التسليم دون تدبر الحكمة ((ما وراء الأخبار))

هذه هي المشكلة ... نحن ننظر إلى القرآن الكريم وتفسيره بمنظارنا نحن المسلمين ... بأنانية عجيبة ... متناسين غافلين عن ((حق)) الآخرين من غير المسلمين أن يتبينوا الحق.

ولما كان لابد لي من رد على تلك الشبهة، (فقد عاهدت نفسي أن لا أدع شبهة قرأتها ضد القرآن الكريم إلا أذكرها في أطروحتي مع نقدها ... ) راسلت عدداً كبيراً من أكابر المشايخ والدعاة فكان الجواب الدائم ـ إن حصل ـ

" يا أخي دعهم إنهم حمقى "؟؟؟!!!!
" يا أخي لا تشغل بالك بالرد على كل الشبهات "
" الكلاب تنبح والقافلة تسير "
" لا يضر السحاب نباح الكلاب "
....... الخ
عجيب أمر علمائنا ... لو كان الأمر يتعلق بأحكام المياه أو زيارة القبور ... أو ... أو .... لوجدت السيل الجرار من الردود ... (على أهمية تلك المواضيع طبعاً).
لكن عندما يتعلق الأمر بكلام الله تعالى والدفاع عنه تجدنا ننقلب زهاداً زهداً مذموماً سنسأل عنه سؤالاً عسيراً يوم القيامة

استعنت بالله تعالى ورجعت مرة أخرى إلى كتب المفسرين المعاصرين من شتى الفرق .. بلا ثمرة.

طبعاً: محمد رشيد رضا ـ رحمه الله تعالى ـ له موقف معروف في أحاديث كهذه، وعندما عدت إلى تفسيره، تأكد لي ذلك ولكنه للأسف أجَّل مناقشتها وحال أجل الله تعالى بينه وما أراد!!!

أخيراً وجدت الشعراوي رحمه الله ذكر الرواية ... وبيّن ما فتح الله تعالى عليه من توجيه لها وهو بتصرف واختصار كما يلي:
أن الحق جل جلاله أراد أن ينبه كل مؤمن أنه حين يتلقى كلمة من الله تعالى يتدبر ويتبين موقعه من هذه الكلمة. كما أن فيه دلالة على دقة كتبة الوحي ووعيهم، ومقدار حرصهم على إثبات القرآن الكريم وحتى معرفة مكان كل كلمة.
إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن ينبه المؤمنين إلى أنهم حين يتلقون كلام الله عز وجل يجب أن يتلقوه بيقظة إيمانية، بحيث لا تسمع آذانهم إلا ما يمر على عقولهم أولاً، ليفهم كل مؤمن موقفه منها. وتمر الآية على قلوبهم ثانيةً، لتستقر في قلوبهم عقيدةً ..
انظر: تفسير الشعراوي 4/ 2568.

=================================

قلت: ـ إضافة إلى ما ذكر الشعراوي رحمه الله ـ

الله جل جلاله علم بعلمه الأزلي المطلق أن ابن أم مكتوم رضي الله عنه، سيقول ذاك ..
كما أن المكتوب في اللوح المحفوظ أزلاً فيه عبارة: " غير أولي الضر ".

وفي الحديث فائدة عظيمة جداً ...

فهذا الحديث نص قاطع على أن عناية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتقييد القرآن الكريم كتابة كانت على الفور مباشرة بعد نزول الآيات الكريمة دون إبطاء .. وسبحان من يجعل أدلة الخصوم على تحريف القرآن الكريم، أدلة قاطعة ضدهم.

فهل بعد هذا يقول قائل إن القرآن الكريم لم يُكتَب في زمن النبوة؟

ما هي إلا لحظات حتى نزل القرآن الكريم وكتب زيد ـ رضي الله عنه ـ الآية، ثم نزل النص التالي .. فما هي إلا لحظات حتى كتبها ..

ومن شدة ضبط وعناية زيد ـ رضي الله عنه ـ بما يكتب حفظ مكان الآية الكريمة على الكتف التي كتبها عليه ..

ففي رواية أبي داود رضي الله عنه: " قَالَ زَيْدٌ: فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ وَحْدَهَا فَأَلْحَقْتُهَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ فِي كَتِفٍ ".

سبحانك يا الله ... كيف تجعل من إعجاز كتابك الكريم، أن من يطير فرحاً بما يحسبه ثغرة ضده، ينقلب حجة عليه!!

وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد

إخوتي الأفاضل ...

إن فتح الله تعالى عليكم بشيء في توجيه هذه الشبهة، أو تصويب التوجيه فلا تبخلوا به

مع محبتي
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير