[جاءني عبر البريد (الكاتب الاسرائيلي يوري أفنيري يرد على بابا الفاتيكان)]
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 Oct 2006, 03:59 ص]ـ
الكاتب الاسرائيلي يوري أفنيري يرد على بابا الفاتيكان
"سيف محمد"
ترجمة: خالد الجبيلي
منذ أن بدأ الأباطرة الرومان يلقون بالمسيحيين طعاماً للأسود، طرأت تغيرات كثيرة على العلاقات بين الأباطرة ورؤوس الكنيسة.
وبدأ قسطنطين الكبير، الذي أصبح إمبراطوراً في سنة 306 – أي قبل 1700 سنة تماماً – يشجع على اعتناق المسيحية في إمبراطوريته، التي كانت تشمل فلسطين كذلك. وبعد عدة قرون، انشقت الكنيسة إلى قسمين لتصبح كنيسة شرقية (أرثوذوكسية) وكنيسة غربية (كاثوليكية). وفي الغرب، طلب أسقف روما، الذي حاز على لقب البابا، أن يقبل الإمبراطور سيادته وتفوقه.
وقد لعب الصراع بين الأباطرة والباباوات دوراً محورياً في التاريخ الأوروبي، وأدى إلى تقسيم الشعوب والأمم. وقد شهد هذا الصراع تقلبات كثيرة. فقد أقدم بعض الأباطرة على عزل أو طرد أحد الباباوات، وقام بعض الباباوات بعزل أو طرد أحد الأباطرة. وكان الإمبراطور هنري الرابع "قد توجه إلى كانوسا سيراً على الأقدام، ووقف أمام القلعة التي يقيم فيها البابا مدة ثلاثة أيام حافي القدمين في الثلج، إلى أن تنازل البابا وألغى أمر حرمانه وطرده من الكنيسة".
إلا أنه مرت فترات في التاريخ عاش فيها الأباطرة والباباوات في وئام وسلام. ونحن نشهد مثل هذا الفترة في أيامنا هذه. إذ توجد بين البابا الحالي، بنيديكت السادس عشر، والإمبراطور الحالي، جورج بوش الثاني، مرحلة رائعة من الانسجام والاتفاق. إذ تتوافق الكلمة التي ألقاها البابا في الأسبوع الماضي، والتي أثارت عاصفة عالمية، مع الحملة الصليبية التي يشنها بوش ضد "الفاشيين الإسلاميين" في سياق "صراع الحضارات".
ففي المحاضرة التي ألقاها في إحدى الجامعات الألمانية، وصف البابا الـ 265 ما يراه اختلافاً شاسعاً بين المسيحية والإسلام: ففي حين تقوم المسيحية على العقل، فإن الإسلام ينكره. وفي حين يرى المسيحيون منطق أعمال الله، فإن المسلمين ينكرون وجود هذا المنطق في أعمال الله.
وبصفتي يهودياً ملحداً، فإني لا أريد أن أدخل في هذه المساجلة. إذ إن فهم منطق البابا يفوق قدراتي العقلية المتواضعة. غير أني لا أستطيع أن أغفل فقرة وردت في كلمته، وهي تخصني أنا أيضاً، كإسرائيلي يعيش بالقرب من خطّ الاحتكاك هذا بين "حرب الحضارات".
ولكي يثبت البابا انعدام العقل في الإسلام، فهو يؤكد أن النبي محمد أمر أتباعه بنشر العقيدة الإسلامية بحد السيف. وحسب ما جاء على لسان البابا، فإن هذا شيء غير منطقي، لأن الإيمان يولد من الروح، لا من الجسد. فكيف يؤثّر السيف على الروح؟
ولإثبات مقولته، لم يجد البابا أحداً أفضل من أحد الأباطرة البيزنطيين، الذي كان ينتمي بطبيعة الحال، إلى الكنيسة الشرقية المنافسة، ليستشهد بكلامه. ففي أواخر القرن الرابع عشر، دار حديث بين الإمبراطور مانويل الثاني بالايولوجس - أو كما قال (إذ يشك في أن يكون هذا قد حدث فعلاً) - مع عالم فارسي مسلم لم يذكر اسمه. وفي غمرة النقاش المحتدم، ألقى الإمبراطور (كما قال هو نفسه) الكلمات التالية في وجه خصمه:
" فقط أرني أشياء جديدة جلبها محمد، ولن تجد سوى أشياء شريرة وغير إنسانية، مثل وصيته التي يأمر فيها بنشر الدين بحد السيف".
تفضي هذه الكلمات إلى طرح ثلاثة أسئلة: (أ) لماذا قال الإمبراطور هذه الكلمات؟ (ب)، وما مدى صحتها؟ (ج) ولماذا استشهد البابا الحالي بكلامه؟
عندما كتب مانويل الثاني أطروحته، كان على رأس إمبراطورية تحتضر. فقد تبوأ السلطة في سنة 1391، التي لم يكن قد بقي منها سوى بضعة أقاليم من الإمبراطورية التي كانت ذائعة الصيت ذات يوم. والتي أضحت كذلك تحت رحمة التهديد التركي.
في ذلك الوقت، كان العثمانيون الأتراك قد وصلوا إلى ضفاف الدانوب، واحتلوا بلغاريا وشمال اليونان، وهزموا الجيوش التي كانت قد بعثت بها أوروبا مرتين لإنقاذ الإمبراطورية الشرقية. وفي سنة 1453، وبعد موت مانويل بسنوات قليلة، سقطت القسطنطينة (استنبول حالياً) بيد الأتراك، وهكذا انتهت الإمبراطورية الذي دامت لأكثر من ألف سنة.
¥