تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مقتطقات من آداب الجدل والمناظرة]

ـ[سمير القدوري]ــــــــ[27 Nov 2006, 08:12 م]ـ

الحمد لله وحده والصلاة على محمد خير خلقه

أما بعد فهذا طرف من آداب الجدل والمناظرة كما سطرها جملة من العلماء, جعلتها على شكل بنود وهي:

[1] على المناظر إخلاص النية وذلك ألا يقصد بنظره المباهاة وطلب الجاه, والتكسب والمماراة, والمحك, والرياء, ولا قصده الظفر بالخصم والسرور بالغلبة والقهر.

[2] وعليه أن يحذر رفع الصوت جهرا زائدا على مقدار الحاجة, فإن ذلك من شأنه أن يورث الحدة والضجر. والضجر يورث البلادة ويقطع مادة الفهم والخاطر.

[3] ويلزم الخشوع والتواضع, ويقصد الإنقياد للحق فيكون من جملة الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

[4] وألا يعود نفسه الإسهاب في الجدل بالباطل والمبادرة إلى كل ما سبق إليه الخاطر واللسان.

[5] و لا يسرع في مكالمة من يستشعر في نفسه منه العداوة والبغض لأنه يقوده إلى الغضب فيورثه ذلك تشوش الخاطر والعي.

[6] وعليه أن يحذر الاعتماد -أثناء كلامه- على من يظن أنه معه أو يستحسن كلامه في جملة الحاضرين فربما تبين له عدم موافقته لكلامه فيضعف ذهنه وخاطره ويذهب عنه كثير مما لا يستغني عنه.

[7] وعليه ألا يلتفت للحاضرين خالفوه أو وافقوه.

[8] وعليه تجنب الكلام في مجلس يخشى فيه على نفسه أو تغلب فيه عليه هيبة ذي سلطان, فإنه يكون منشغلا حينئذ بحراسة الروح عن نصرة المذهب.

[9] وتجنب مجلس لا يسوي بين الخصوم في الإقبال والاستماع وإنزال كل منزلته ورتبته فإن الكلام هناك يعد ذلا وصغارا يورثان الغم والغضب لكل ذي نفس أبية.

[10] وتجنب المجلس الذي غرض أصحابه من انعقاده التلهي لا تمييز الحق عن الباطل, وأقل ما فيه مجالسة من لا يحسن بأهل العلم مجالسته.

[11] وإياك واستصغار من تناظره والاستهزاء به-كائنا من كان- لأن خصمك إن كان المفترض عليك مناظرته فهو نظيرك, ولا يجمل بك إلا مناظرة النظير للنظير. لأنه إن يك من تكلمه غير أهل لأن تناظره, كان الواجب ألا تفاتحه بالكلام, فإذا فاتحته ثم استصغرته واستخففت به لم يجتمع ذهنك ولا صفاء قريحتك ولا اشتد خاطرك.

[12] وعليك المحافظة على قدرك وقدر خصمك وإنزال كل أحد -في وجه كلامك معه- درجته ومنزلته, فتميز بين النظير وبين المسترشد, وبين الأستاذ ومن يصلح لك. ولا تناظر النظير مناظرة المبتدئ والمسترشد, ولا تناظر أستاذينك مناظرة الأكفاء والنظراء بل تناظر كلا على حقه, وتحفظ كلا على رتبته.

[13] وكن مع خصمك مستبشرا متبسما غير عبوس, فتبتعدان معا عن دواعي الغضب والضجر.

[14] وعليك ألا تفاتح بالمناظرة من تعلمه متعنتا, لأن كلام المتعنت ومن لا يقصد تعرف الحق والحقيقة بما تقوله- يورث المباهاة والضجر وحزن القلب وتعدي الأحد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإن لم تعلمه متعنتا حتى فاتحته بالكلام, وجب عليك حينها الإمساك عن مناظرته.

[15] وإن كان خصمك منتهيا عالما يقصد المناظرة واستبانة ما التبس, فلا تتعمق في العبارة, فإنك تطول عليه وعلى نفسك الأمر, بل اقصد بأسهل العبارات إلى مربط الفرس.

[16] وعلى المتناظرين جميعا أن يصبر كل واحد منهما لصاحبه في نوبته وإن كان ما يسمعه منه قد بلغ الغاية في التشويش, لأنهما متساويان في

حق المناوبة في الكلام. فمن لم يصبر منهما لصاحبه فقد قطع عليه حقه, ولأن ما يظنه السامع تشويشا ربما كان هو موضع الاتباس والشبهة عنده, فلا بد من الصبر على سماعه ليصير عنده معلوم الأول والآخر, ثم يتكلم فيه بعد ذلك على حقه. فإذا لم يصبر له خصمه بل داخله بالاعتراض أو الجواب في نوبته, احتمله ووعظه, فإن أصر عليه, قطع مكالمته. لأنه لا سبيل إلى كشف الحق مع التقطيع بل مع حسن الاستماع.

[17] وعلى كل واحد منهما أن يقبل بوجهه على خصمه الذي يناظره: المتكلم أثناء كلامه, والمستمع أثناء استماعه.

[18] وعليه ألا يناظر الأستاذَ إلا على على جهة الاسترشاد مع غاية الاحترام والتواضع وخفض الصوت وقطع اللجاج عند ظهور الرشد.

[19] وعليه مراعاة كلام الخصم, وتفهم معانيه على غاية الجد والاستقصاء.

[20] والحذر من إلزام الخصم بما لا يتحقق لزومه له.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير