تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وقفات .. مع شبهات المستشرقين في التفسير بالرأي (2)]

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Feb 2007, 02:13 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

وبعد ..

فهذا إتمام للموضوع السابق في الرابط التالي:

وقفات .. مع شبهات المستشرقين في التفسير بالرأي (1) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=220)

الشبهة الثانية:

أن التفسير بالرأي إنما هو انشقاق عن التفسير بالمأثور وحرب عليه والدافع لهذا التفسير إنما هو الورع والتقوى وتنزيه الله تعالى عن التصورات السائدة عن طريق النقل.

• يقول جولد زيهر: "حدث انشقاق على التفسير بالمأثور، دون أن يحس أو يقصد ممثلو هذا الانشقاق من القدماء أن يكون تفسيرهم حرباً على الرواية والنقل، وصدر ذلك لأول مرة عن مذهب أهل الرأي الإسلاميين، عن أولئك الذين يذهبون مذهباً دينياً أراد أن ينفي عن الصورة التي يحملها المؤمن في قرارة نفسه للألوهية وحقيقتها وتدبيرها كل ما يتجافى عن العقل، ويتنزل بها على نحو لا يليق إلى دائرة الماديات " (1).

وأصحاب هذا المذهب هم المعتزلة والذي يصفهم بصفات المدح في أكثر من موطن حيث يقول: " الناس الأتقياء " وَ " الأتقياء المدققين " (2).

ويصف تفسيرهم بقوله: " التفسير السوي " (3).

ويقول: " ومن النادر أن يتخلف حذق المعتزلة في التفسير ولا توجد وسيلة للتفسير تراها هذه المدرسة شديدة الجرأة، في سبيل الاحتجاج بآيات القرآن لمبدأ من مبادئهم الأساسية، جنوا به أكثر ثمرات النصر في دائرة علم الكلام الإسلامي ذلك هو مبدأ أولية العقل في معرفة الحقائق الدينية " (4).

ويقول: " وأشرف انتفاع يستفيده المعتزلة من اشتراطهم فيما يتصل بتفسير الكتاب مطابقة العقل في الحقائق الدينية، هو محاربتهم للتصورات الخرافية المناقضة للطبيعة، التي رسخت قَدَمُها في الدين " (5).

الجواب على هذه الشبهة:

1 - أن الواقع لا يصدق أن التفسير بالرأي انشقاق عن التفسير بالمأثور بل هو يدل على أنه كان مصاحباً للمأثور منذ عصر مبكر حيث نجد اجتهادات الصحابة رضي الله عنهم في التفسير وعلى رأسهم أبو بكر رضي الله عنه كما في تفسير آية الكلالة.

2 - أن أصحاب الرأي المحمود لم يحاربوا التفسير بالمأثور ـ كما سبق ـ بل هم يحثون على الاعتناء به، وإنما حصلت المحاربة لبعض الآثار من قبل المعتزلة حيث حكموا العقل ونفوا كل ما لم يتوافق معه، والمعتزلة لا يمثلون المنهج الصحيح في تفسير القرآن لذا فمن الخطأ أن يعمم ما فعلوه على جميع المفسرين بالرأي، كما أن من الخطأ أن يعتبروا هم أوائل من فسر القرآن بالرأي عموماً.

3 - أما كون الدافع لفعلهم هذا هو الورع والتقوى: فيقول الدكتور عمر رضوان: " وليس غريباً أن يكيل جولد تسيهر خاصة والمستشرقين عامة الكثير من الثناء لتفسير المعتزلة لما فيه من خدمة لأغراضهم وهي محاربة أهل السنة والجماعة وتفاسيرهم المعتبرة وعلى رأسها (التفسير بالمأثور) كما أن هناك دافعاً آخر لهؤلاء المستشرقين وهو أن هذا المذهب يلائم ما عليه الغرب اليوم من تقديس للعقل وإعطائه حرية أكثر مما يستحق " ثم يقول: "فلا أدري أين هذه التقوى وأين الورع، وقد خرجوا في تفسيرهم عن جادة الصواب ولم يلتزموا به الشرع ولا ظاهر النصوص ولا روح الشريعة السمحاء زيادة على تأويلهم كل نص يخالف مذهبهم وقسرهم الآيات على نصرته بشكل غير مقبول إطلاقاً، والمعتزلة لم ينفكوا في مهاجمة أهل السنة والتشنيع عليهم والتنفير من طريقتهم " (6).

والدافع الذي حملهم على تأويل القرآن والآثار المعارضة لهم أنهم "اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا من أئمة المسلمين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم" (7).

وأخيراً أنقل كلاماً للشيخ بكر أبو زيد حفظه الله حيث يقول:

(الإسرائيليات الجديدة:

احذر الإسرائيليات الجديدة في نفثات المستشرقين؛ من يهود ونصارى؛ فهي أشد نكاية وأعظم خطراً من الإسرائيليات القديمة؛ فإن هذه قد وضح أمرها ببيان النبي صلى الله عليه وسلم الموقف منها، ونشر العلماء القول فيها، أما الجديدة المتسربة إلى الفكر الإسلامي في أعقاب الثورة الحضارية واتصال العالم بعضه ببعض، وكبح المد الإسلامي؛ فهي شر محض، وبلاء متدفق، وقد أخذت بعض المسلمين عنها سنة، وخفض الجناح لها آخرون، فاحذر أن تقع فيها. وقى الله المسلمين شرها) (8).

والحمد لله رب العالمين ..

ـــــــــــــــــــــــ

حواشي:

1 - مذاهب التفسير الإسلامي: 121.

2 - السابق: 121.

3 - السابق: 187.

4 - السابق: 193.

5 - السابق: 160.

6 - آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره: 2/ 526.

7 - مقدمة التفسير لشيخ الإسلام: 110.

8 - حلية طالب العلم: 43.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير