تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[القرآن العربي .. رؤية أخرى ..]

ـ[فاروق]ــــــــ[10 Mar 2006, 11:58 ص]ـ

http://www.al-wed.com/pic-vb/810.gif

أخي الكريم عبد الرحيم كان سؤالي في مشاركة "سؤال من أحد النصارى"

وأحببت أن يوسع النقاش في هذه المسألة فأفردت له في إطار موضوع جديد:

اقتباس:

ولكن هب أن أحدهم سأل هذا السؤال بعد هذا الرد:

قال ابن قتيبة: " ولو أنَّ كل فريق من هؤلاء [قبائل العرب] أُمِرَ أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلاً وناشئاً وكهلاً، لاشتدَّ عليه، وعظُمَت المحنة فيه، ولم يمكنه إلا بعد رياضة للنفس طويلة، وتذليل للِّسان، وقطعٍ للعادة. فأراد الله ـ برحمته ولطفه ـ أن يجعل لهم متسعاً من اللغات .. كتيسيره عليهم في الدين ".

إذا كان هذا رحمة بالعرب فما بالك بأقوام لسانهم أعجمي .. !؟ وأين تتحقق عالمية القرآن هنا؟؟!!

كان هذا سؤالي في تلك المشاركة .. وكان يحمل خطأ في الحقيقة.! كان الصواب أن يقال

إذا كان هذا رحمة بقوم لغتهم عربية فما بالك بأقوام لا ينطقون بها .. !!؟؟

اقتباس:

فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين. فقال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما .. ". فكان ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يجيبهم على كل شبهة، ببيان أصالة الألفاظ المسؤول عنها، مستدلاً بأبيات من كلام العرب. [3]

فإذا كان القرآن بلسان عربي مبين يعني أن القرآن أُنزل بلغة قوم هم العرب، فهذا يتنافى مع

عالميته وكونه للبشرية جمعاء .. فمنهج البشريّة جمعاء-القرآن الكريم- لا بُدّ أن يكون بلسانٍ فطريٍّ يجمع البشريّة جمعاء، وبلغة فطريّة هي اللغة الأولى التي عرفتها البشريّة ..

إنّ كلّ اللغات العالميّة (ما عدا المفردات القرآنيّة) هي لغات وضعيّة تفرّعت وابتعدت عن اللغة الفطريّة التي نزل بها آدم عليه السلام، وتقترب هذه اللغات من الفطرة، وتبتعد عنها، بمقدار اقترابها وابتعادها عن اللغة الفطريّة التي علّمها الله تعالى لآدم عليه السلام ..

وهكذا فإنّ اللغة الفطريّة التي تحمل مفاتيح التسمية الحق لكلِّ ما هو موجود في هذا الكون، انحصرت داخل إطار لغة حافظت عليها أمّة فطريّة، استمرّت بفطرتها منذ آدم عليه السلام إلى محمّد صلى الله عليه وسلم .. لقد وضعت هذه الأمّة الكثير من المسمّيات الوضعيّة داخل لغتها، لكنّها حافظت على المفردات التي نزل بها آدم عليه السلام ..

وحسب البعض أنّ بعض المفردات القرآنيّة التي قلّ استعمالها عند العرب وانتقلت إلى لغات أُخرى، أو حافظت عليها لغات أخرى .. حسبها ليست عربيّة بالمعنى القومي .. مع أنّها عربيّة بالمعنى الفطري الموحى من الله تعالى، واستعمالها القومي لا يلغي فطريّتها، لأنّها أصلاّ ليست وضعيّة من قبل البشر ..

وحكمة الله تعالى اقتضت أن يُنزِّل منهجه المُعجِز للبشريّة جمعاء، والحامل لمنهج الهداية للبشريّة جمعاء، بلغة فطريّة أوحاها لأبي البشريّة جمعاء (آدم عليه السلام)، على رسول أُمّي فطري، يعلم اللغة الفطريّة الموحاة من الله تعالى، وينتمي إلى مجتمع أُمّي فطري يعلم هذه اللغة الفطريّة، حتى يكون هذا المنهج وهذه المعجزة للبشريّة جمعاء التي تفرّعت لُغاتها عن لغة صياغة هذا المنهج ..

وهكذا فآدم عليه السلام تعلّم المفردات الفطريّة من الله تعالى في عالم الأمر، وهبط بها إلى الأرض كأوّل إنسان مُمتحن على هذه الأرض .. ومحمّد صلى الله عليه وسلم نزل عليه قول الله تعالى من العالَم ذاته (عالم الأمر) كآخر رسول على وجه الأرض .. فالمسألة بدأت بآدم عليه السلام واكتملت بمحمّد صلى الله عليه وسلم، لتشمل البشريّة جمعاء، عبر منهج ومعجزة للبشريّة جمعاء ..

إنّها حكمة الله تعالى، فرسول البشريّة جمعاء لسانه ولغته لسانٌ ولغةٌ تجمع البشريّة جمعاء قبل تفرّع لغاتها المختلفة عن اللغة الفطريّة الأم التي نزل بها القرآن الكريم .. وبالتالي فإنّ تعلّم لغة القرآن الكريم لإدراك دلالاته، هو في الحقيقة عودةٌ للغة الفطريّة الأم، وعودةٌ إلى التسميات الحق التي علّمها الله تعالى لآدم عليه السلام ..

وهذه الصفة التي يتّصف بها القرآن الكريم، بأنّ كلماته فطريّة موحاة من الله تعالى ومصاغة صياغة مُطلقة تحمل كلّ أسرار الكون .. هذه الصفة بيّنها الله تعالى في كتابه الكريم ..

(إنّا أنزلنه قرءناً عربيّاً لعلّكم تعقلون) [يوسف: 12/ 2]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير