تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرة في مفهوم الصراط في القرآن الكريم]

ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[30 Apr 2006, 02:29 ص]ـ

ذكرت لفظة الصراط في القرآن الكريم خمسة وأربعين مرة، ولم تذكر إلا مصدرا، وهذا المصدر جاء في القرآن الكريم تعبيرا عن منهج فكري سلوكي محدد مغاير للمناهج الأخرى، وهذا المنهج هو الإسلام‹ › المتمثل بعبادة الله تعالى وحده ? إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51) ? [آل عمران] ? وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) ? [الأنعام] ? قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (161) [الأنعام].

وقد تعبدنا الله أن ندعوه في كل ركعة من الصلاة أن يهدينا لهذا المنهج القويم ? اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ? [الفاتحة]،ووصف الصراط مقترنا بالاستقامة في أربعة وثلاثين موضعا‹ › من أصل خمسة وأربعين وفي ذلك دعوة إلى التمسك بهذا المنهج الخالي من الانحراف،كما أن في ذلك تبيانا على أن ثمة مناهج/سبل أخرى معوجة، منها منهج المغضوب عليهم،وهم اليهود،ومنهج الضالين وهم النصارى‹ ›، ولم تأت كلمة الصراط بغير هذا المعنى إلا في آيتين كان المراد بهما المعنى المادي أي معنى السبيل/الطريق وذلك في قوله تعالى:? وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) ? [الأعراف]،وهو خطاب موجه من النبي شعيب-عليه السلام-إلى قومه والآية الثانية قوله تعالى:? وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) [يس].

نستنتج مما سبق أن لفظة الصراط في القرآن الكريم جاء ت بمعنى المنهج الفكري والسلوكي ولم ترد بالمعنى المادي إلا في آيتين، وعليه فليس في القرآن ما يدل بصريح العبارة على وجود جسر منصوب على متن جهنم يُكلف الناس بالمرور عليه، ويبقى الاحتمال واردا في قوله تعالى:? وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) [مريم]،فهل يُفهم من هذا النص وجود جسر على ظهر جهنم؟

من المفيد أن نعرض هذه الآية ضمن سياقها التركيبي العام من سباق ولحاق حتى تتضح الرؤية أكثر، لأن السياق يعطي دلالة مالا تعطيها الكلمة أو الجملة في حالة انفرادها، السياق الفضائي المحيط بالنص المعروض للدرس هو الآيات التالية? فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) ? [مريم].

عند التمعن في هذه الآيات نجد كلمات محورية، زيادة على الدلالة العامة للسياق، والتي تتحدث عن حدث زمني معين مرتبط بيوم الآخرة، وهذه الكلمات المركزية/المحورية هي:

"منكم" فمن المخاطب؟

"واردها"،ما معنى الورود؟

"حتما: فالمسألة لا بد من حصولها فهي منزَّلة منزِلة القسم.

"نُنَجِّي، وَنَذَر"أفعال تدل على التحول

"فيها" الضمير عائد إلى جهنم

يمكن أن نسجل -انطلاقا من هذا النص كبنية تركيبية لها دلالاتها الذاتية بمعزل عن التأثر بأي نص آخر أو بأي مذهب كلامي- النتيجة التالية:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير