[نعم .. مصطلح السامية فرضية خرافية]
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Aug 2005, 04:29 ص]ـ
لقد اطلعت على ما نقله الأخ الكريم عبد الرحمن الشهري من مقال في مجلة الفرقان للدكتور عودة الله منيع القيسي تحت عنوان ((فرضيَّّة (الشعوب الساميّة، واللغات الساميّة (فرضيّةٌ خرافيةٌ لا أصل لها))، وأحببت أن أشارك في هذا الموضوع بشيء كان في نفسي أن اكتب عنه منذ زمن، لكن هذا المقال دفعني إلى أن أحرر هذه المقالة الموجزة التي تواطئ ما ذهب إليه الدكتور الفاضل، فكلامه صحيح بلا ريب، لا يخفى على من يقرأ في تاريخ هذه المنطقة العريقة في القِدم.
إن من العجيب أن تكون الفرضية حقيقة، مع اليقين بأنها فرضية، والأعجب من هذا أن تتحول إلى ولاء وبراء بامتياز خاصٍ لليهود فقط.
إنه استغلال اليهود الذي تميزوا به، فحصروا هذا المصطلح الخرافي عليهم، ونقلوه إلى مصطلح سياسي يعادون عليه من يعادون، وإن كانوا ساميين ـ كالعرب ـ على مصطلحهم هذا، لكن الإعلام له سيطرته الغالبة التي تحول الصادق كاذبًا، والكاذب صادقًا، وترى كثيرًا من الناس يصدقونهم، فياللعجب!.
وهذه الكذبة في هذه المصطلح التي اخترعها المستشرق اللاهوتي (شلوتزر)، وهي نسبة إلى سام بن نوح عليه السلام.
يقول: (( ... من المتوسط إلى الفرات، ومن بلاد النهرين إلى شبه جزيرة العرب تسود كما هو معروف لغة واحد وعليه فالسوريون والبابليون والعبريون والعرب كانوا أمة واحدة، والفينيقيون والحاميون أيضًا تكلموا بهذه اللغة التي أود أن أدعوها ساميَّة)) (نقلاً عن معرب القرآن عربي أصيل للدكتور جاسر أبو صفية / ص: 12).
وقد اعترض عليه المستشرق الفرنسي بيرو روسي في كتابه (مدينة إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب / ترجمة فريد جحا ص: 18)، فقال: ((إننا نعرف عندما نتكلم عن الوطن العربي أننا في سبيلنا إلى معارضة نظرية مقدسة تجعل العربي شخصية صحراوية انبثقت في التاريخ في عهد غير محدد أو معروف.
لقد كتبت دائرة معارف الإسلام: ((إن عهود العرب الأولى في التاريخ غامضة جدًّا، إننا لا نعرف من أين أتوا، ولا ماهو وجودهم البدائي)).ولكن شيئًا وحيدًا يبدو مؤكدًا لكاتب المقال، وهو انهم ساميون. وهاهو ذا التفسير الهزيل الهزيل، التعبير الخالي من الحقيقة، من أي معنى، تعبير فارغ إلى حدِّ أن دائرة معارف الإسلام هذه نفسها لم تستطع أن تضع تعبير ((الساميين)) على مائدة البحث.
وهل هناك ضرورة لإضافة أن تعبير (سامي) لم يرد ذكره بين مفردات اللغة الإغريقية أو اللاتينية؟!
وما يقال في هذا المجال طويل، إننا لن نجد هذا التعبير قبل نهاية القرن الثامن عشر، وذلك أن العالم (أ.ل. شلوتسر) هو الذي صاغ هذا النعت (السامي) في مؤلف نشره عام 1781، وأعطاه هذا العنوان (فهرس الأدب التوراتي والشرقي)، كأن الأدب التوراتي ليس شرقيًّا ... ))
وهذه التسمية مرجعها أسفار بني إسرائيل، حيث يعدُّون لنوح ثلاثة أبناء: سام، وحام، ويافث، ويقسمون الشعوب عليهم، وهذا فيه نظر ليس هذا محله.
ويجعلون شعوب السامية متكونة من (الآشورية البابلية والآرامية والعبرية والعربية والحبشية وغيرها).
وإذا تأملت أماكن عيش هذه الشعوب، فإنه سيظهر أربعة مناطق: (جزيرة العرب، والحبشة، والعراق، والشام).
وهذا التقسيم يوحي لك بأن هذه الشعوب تتكلم لغات مختلفة، وإن كانوا يقولون بأن أصلها واحد، وهو السامية المزعومة، التي لا يُعرف لها كنه ولا صفة.
ولو تأملنا المصادر التي يعتمدها هؤلاء الدارسون لوجدنا الأول عندهم هو أسفار بني إسرائيل (الموسومة عندهم بالكتاب المقدس)، فهم يجعلون هذا الكتاب، ولغتهم العبرية المزعومة الأساس في دراسة هذه المنطقة لغة وتاريخًا.
وقد يزيد بعض الباحثين ما يجدونه من أثريات قد دُّوِّن فيها شيء من الأخبار أو التاريخ، لكنهم يدرسونها حسب المنظور التوراتي فحسب.
وقد قابل هؤلاء باحثون لا دينيون فاعترضوا على كل ما هو توراتي، وأظهروا زيف بعض أقاصيص هذه الأسفار المكذوبة، لكن لأجل هذا المنطلق غير الديني أوقعهم في تكذيب أخبار صحيحة قد وردت في كتاب ربنا وسنة نبينا الصحيحة، وإن كانوا احسنوا في ردِّ بعض خرافات بني إسرائيل.
¥