تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ليس كل من كتب في وجوه الإعجاز القرآني أحسنَ وأجاد، بل نجد أنّ الكتابات الركيكة والمتكلّفة هي الأكثر شيوعاً. ولا نقصد هنا الكتابات المعاصرة فقط، بل تجد أنّ الكثير مما كُتب في إعجاز القرآن الكريم، منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا، قد غلب عليه التكرار، وعدم العمق في تناول المسألة. والآن نجد أنّ أغلب ما يُكتب في الإعجاز العلمي، على وجه المثال، يتسم بالتكلف والركاكة، فهل يجوز أن يحملنا ذلك على رفض الأبحاث الجادّة والابداعية؟! وما يقال في وجوه الإعجاز المختلفة يقال أيضاً في الإعجاز العددي، فأنت تجد أنّ الأبحاث الركيكة هي الغالبة في كتابات المعاصرين، وهذا أمرمتوقّع في كل علم. وعليه لا يليق برافضي فكرة الإعجاز العددي أن يجعلوا من أنفسهم فرساناً يصولون ويجولون، ويبارزون الفزّاعات الوهميّة، فيهدرون أوقاتهم وهم يناقشون أبحاثاً لا طائل منها، ويوهمون الناس أنّ هذا هو الإعجاز العددي.

إن حُبّ الإسلام، وصدق الرغبة في تنزيه القرآن، يدفعان إلى التدقيق والتحقيق، وإلى الدقّة والموضوعية، والمنهجية السويّة في القبول والرفض. أمّا المسارعة إلى الرفض، من غير علم وإحاطة بالموضوع، فهي من علامات عدم التقوى، قبل أن تكون من علامات الجهل، فكيف بهم وهم يهجمون على الناس بكل تهمة، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون؟!

أخرجنا عام 1990م كتاب:"إعجاز الرقم 19 في القرآن الكريم مقدمات تنتظر النتائج"، وناقشنا فيه بحث المدعو رشاد خليفة، وبيّنا مواضع الخلل في بحثه. وقبل ذلك قمنا بمراسلته، واستخدمنا كافة الوسائل للتحقق من انحرافه قبل أن نلمِّح بذلك. وقدّمنا للناس تفصيلاً بمواضع الخلل والزلل في بحثه. وعلى الرغم من إدراكنا لخروجه عن الإسلام، فإنّ ذلك لم يمنعنا أن نبيّن للناس المواضع التي أصاب فيها، وما لنا ألا نقبل الحق عندما يظهر، فالحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها.

نظراً لإدراكنا أهمية الإعجاز العددي، وانعكاساته الإيجابية على الدراسات القرآنية، فقد قمنا بتخصيص بعض الوقت للبحث والكتابة في هذا المجال. وقد منّ الله علينا بجمال هذا العلم وجلاله، ولا يزال القلم عاجزاً عن رسم جوانب هذا الجمال، ولكن المؤشرات تبشّر بخير عظيم. أمّا المعارضات فإلى وقت، ثم تتلاشى بعد أن يطمئن الناس إلى صِدقيّة هذه البحوث.

أربعة من العلماء الفضلاء، يعيشون في الخليج، أرسلوا إلينا بنقدهم لبعض أبحاثنا، وسرّنا هذا التوجه الإيجابي، وقدّرنا لهم صدقهم وحرصهم. وزاد من سرورنا أنّ رابعهم قام بتفنيد حججهم، مدوناً ذلك في هامش الأوراق. وبحكم تخصصنا في هذه المسألة، كان من السهل علينا أن نبين لهم وجه الحقيقة. والأمثلة الإيجابية على مثل هذه المواقف ليست قليلة. في المقابل رأينا صوراً مناقضة، لا يسرك أن تسمعها، نرى أنها من ضرورات الطريق، وكم تجنبنا الرد على من كتب في النقد، لعلمنا بأن ردنا سَيُحرج بعض الفضلاء، لعدم التكافؤ في هذه المسألة، فشتّان بين المقيم وعابر السبيل. إلا أنّ بعض الناصحين رأى أنه لا بد من ذلك، وليتحمّل الأخوة مسئولية تسرعهم وعدم منهجيتهم، ولا يضرهم ما يصيبهم إن كانوا صادقين مع الله.

آخر ما قرأناه في ذلك كتاب بعنوان:" الإعجاز العددي في القرآن بين الحقيقة والوهم" تأليف فاتح حسني محمود، حائز على الماجستير في التفسير وعلوم القرآن الكريم، من الجامعة الأردنية. والكتاب مطبوع عام 2002م. وكان يمكن أن نضرب صفحاً عنه، كما فعلنا مع غيره، عندما كنا نشعر بركاكة الطرح، ولكن عندما يكون الكتاب عبارة عن بحث مقدّم لاستكمال متطلبات مادة إعجاز القرآن الكريم، لطلبة الدراسات العليا في كلية الشريعة، قسم التفسير، وعندما يشرف عليه رئيس قسم حائز على درجة الدكتوراه- فريد السلمان-، وعندما يقرظ الكتاب كاتب اسمه إبراهيم محمد العلي، يصبح الأمر عندها مستحقاً لكتابة مقالة تُحصّن الناس من الانخداع بالألقاب، وقد تدفع البعض إلى التحقق قبل الإقدام على رفض خير عظيم، يبشّر بفتوح لها ما بعدها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير