تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"قَبِل علماء الأحياء والمتخصصون في علوم الإحاثة [علم تاريخ الأرض] منذ زمن بعيد، اعتمادا على عدد كبير من البراهين، التطورَ العضوي على أنه حقيقة. والنظريات العلمية ليست حقائق، لكنها تمثل تفسيرات علمية للمعلومات العلمية أو للمعرفة. وهذه النظريات إنما هي أفكار (ومن أمثلتها نظرية داروين عن الانتقاء الطبيعي)، وهي موضوع يخضع للدراسة بشكل مستمر في أثناء استخدامها في البحث عن الحقائق الجديدة والتفسيرات الجديدة. ولذلك فإنه يجب أن يخضع منطوق هذه النظريات للتغير باستمرار من أجل أن تتلاءم مع الكشوفات الجديدة التي تنتج عن وجهات النظر الجديدة".

ويقول بنتلي جلاس في كتابه:

Progress Or Catastrophe: The Nature of Biological Science and Its Impact On Human Society. New York: Praeger 1985

" تقدُّم أم فجاءة: طبيعة علم الأحياء وأثره على المجتمع الإنساني"، (ص68):

". . . يجب أن يتذكر المرء دائما أن النظرية العلمية الجيدة هي ببساطة تلك التي تُفسِّر بشكل مُرْضٍ الحقائقَ المعروفة، من غير أن تكون عرضة للدحض عن طريق المخالَفات الواضحة للبرهان العلمي. وهي عرضة للدحض، بصورة مستمرة، حين يبرهِن الاستقصاءُ العلمي على أنها ليست تفسيرا ممكنا أو حين يصعب تعديلها لتتناغم مع الحقائق، إن كان هذا ممكنا. وفيما يخص نظرية التطور فإن مرور أكثر من قرن من مثل هذا الاختبار عليها جعلها أقوى ألف مرة مما كانت عليه في حياة داروين".

ويقول ستيفن جاي جولد، وهو أحد علماء الأحياء المعاصرين البارزين الذين يكتبون باستمرار عن هذا الموضوع، وذلك في مقال له نشرته مجلة Time الأمريكية في 23 أغسطس 1999، (ص43) إن نظرية التطور تشبه في مركزيتها لعلم الأحياء مركزية الجدول الدوري للكيمياء أو مركزية الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن للتاريخ الأمريكي. وهو ما يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك علم للأحياء بغيرها. ويقول:

". . . تتمتع نظرية التطور بأدلة قوية بشكل يماثل أية ظاهرة من ظواهر العلم، فهي تماثل في قوتها دوران الأرض حول الشمس بدلا من العكس. وبهذا المعنى فإن بإمكاننا أن نصف نظرية التطور بأنها "حقيقة". (والعلم لا يتعامل بمفهوم الوثوقية، لذلك فإن مفهوم "الحقيقة" لا يمكن أن يعني إلا أنها افتراض مؤكد بدرجة عالية تجعل اعتناق المرء لرأي يخالف هذا الافتراض أمرا منحرفا) ".

التفسير العلمي للقرآن:

دأب كثير من الباحثين المسلمين على اللجوء إلى العلوم الحديثة، الطبية والفيزيائية والكيمائية، في تفسير بعض الآيات القرآنية الكريمة. فكثيرا ما نجد هؤلاء يأتون بتفسيرات "علمية" لبعض الآيات ثم يستنتجون منها أن القرآن قد سبق العلم الحديث إلى ذكر الظواهر التي ترد في هذه الآيات. ويجب أن أشير هنا إلى أن المسلمين ليسوا الوحيدين في هذا الصنيع. بل إن أصحاب الديانات الأخرى يقومون بالعمل نفسه. ويجد المطلع على "الأبحاث" التي يقوم بها من يسمون أنفسهم بـ"العلماء القائلين بالخلق" Creation Scientists ، وبخاصة في أمريكا، استخداما واسعا للعلوم في تفسير الإنجيل. بل إنهم يزعمون دائما أنهم يصلون إلى اكتشاف التوافق بين ما في الإنجيل وما تقول به العلوم الحديثة. وكما لاحظت سابقا فإن هؤلاء كثيرا ما يسيئون فهم النظريات العلمية، وكثيرا ما يسيئون تفسيرها، وكثيرا ما يكذبون على البسطاء في حديثهم عن النظريات العلمية وفي نقل وجهات نظرها بأمانة.

ولقد أثير استخدام العلم في تفسير القرآن الكريم منذ زمن بعيد؛ فقد رأى بعض علماء المسلمين أنه يجب أن يصان القرآن الكريم فلا يعرَّض للنظريات العلمية التي تتسم بالتغير. لكن هناك من ينادي بضرورة الاستئناس بالعلوم الحديثة في الكشف عما يسمونه بـ"الإعجاز العلمي" في القرآن الكريم. ويلحظ المطلع على الكتب التي تؤلفها هذه الفئة الأخيرة، أنها تمتلئ باستخدام النظريات العلمية والكشوف الطبية والكيميائية والأحيائية لتفسير الآيات القرآنية. لكن الفاحص لهذه الكتب سيجد أن كثيرا منها يبلغ حدودا من السخف والإدعاء لا تطاق.

ويعد استخدام الدكتور عبد الصبور شاهين لبعض نظريات الأحياء في تمييزه بين "البشر" الذي يمثل طورا قديما و"الإنسان" الذي يمثل طورا أحدث من باب تعريض القرآن الكريم للنظريات العلمية المتغيرة بطبيعتها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير