تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذن [قال (أبوه) , قال (إبراهيم)] ليس لهما وظيفة توجيهية أو تفسيرية وليس تحتهما إلا خبث صبياني كما في مقالب الصبيان بعضهم لبعض فالهدف واضح هو اللعب بالقرآن والمكر بالقاريء الضحية الذي يجد نفسه قد حرف القرآن وهو غافل مسترسل في قراءته ..... فما صنيع الجابري - المفكر الكبير -إلا كمن يلقي النجاسة في الماء الصافي فيأخذه الزهو الصبياني عندما يتصور أنه أفسد وضوء المتطهر ...... هذا مبلغ علمهم ومبلغ أخلاقهم.

ومما يؤكد صبيانية الجابري أنه كرر هذه اللعبة في أماكن كثيرة من كتابه ذاك .... والفرنسيون يقولون بلسانهم- الذي لا يتقنه الجابري جيدا- "أن أفضل دعابة ما كان يسيرا ... " فحرم الجابري من خفة الدم بعدما حرم من ثقل الحلم في الدنيا وحسابه عند ربه في الآخرة .. وهذه أمثلة وتنويعات على مقلب واحد:

والرجز فاهجر (الأصنام) , ولا تمنن تستكثر (لا تعط شيئا من عبادة أو صبر على الأذى لتطلب أكثر منه", ولربك فاصبر , فإذا نقر في الناقور ,فذلك يومئذ يوم عسير ,على الكافرين غير يسير"

لم يغلق الجابري القوس الثاني عمدا ... لتذويب كل حاجز بين كلامه وكلام ربه .... قلت (عمدا) وأستبعد السهو المطبعي لأن الجابري في كتابه هذا يعول على الدلالات السميولوجية لعلامات التنصيص .... مع سبق الإصرار والترصد.

- والمؤتفكة أهوى (=قرى قوم لوط أسقطها في الهاوية) فغشاها ما غشى (=من الحجارة والتراب) فبأي آلاء ربك تتمارى (=وتشكك أيها الإنسان)؟ هذا نذير من النذر الأولى .....

لاحظ مثلا أن علامة الاستفهام تعمد أن يضعها ليس في ختام الاستفهام القرآني ولكن بعد الحشو الذي أضافه الجابري ,وقد جاء بواو العطف لتربط كلاما بكلام لتكوين كلام جديد متجانس: فبأي آلاء ربك تتمارى وتشكك أيها الإنسان؟

- ولولا أن يكون الناس أمة واحدة (=على الكفر) لجعلنا لمن يكفر بالرحمان لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون, ولبيوتهم أبوابا وسررا (من فضة كذلك) عليها يتكئون, وزخرفا (=ذهبا).

لا يقال أن بعض المفسرين المسلمين يدمجون كلامهم اثناء تفسير الآية (كتفسير الجلالين مثلا) ويكون الجابري له سلف لأنا نقول شتان بين الفريقين فالجابري يستشهد بالنص ولا يفسره ويتعمد إغراق النص القرآني في كلام استطرادي مشرقا ومغربا ثم يعود إلى تتمة الآية ويتعمد لشرحه أن يكون متعلقا نحويا وأسلوبيا بجزء من الآية ليوهم الناس أن كلام الله وكلام البشر لا يختلفان.

- أفرأيت الذي تولى, (=رجع عن الإنفاق) وأعطى قليلا وأكدى, (أمسك) ,أعنده علم الغيب فهو يرى= (أن ما قاله أخوه ممكن وحق) أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى, (=وفى بأن هم بذبح ولده عطاء وتضحية)

يوظف الجابري علامات الترقيم لتحقيق مقصده ..... فمثلا قوله (رجع عن الإنفاق) مفصول عن تولى -التي يفترض أنه يشرحها –بفاصلة, ليلحقه بما بعد الآية لتكوين كلام واحد: رجع عن الإنفاق وأعطى قليلا وأكدى. وقوله (أن ما قاله أخوه ممكن وحق) يقرأ وكأنه في محل نصب ل "يرى" .....

ـ[ابن حجر]ــــــــ[31 Dec 2005, 11:10 م]ـ

الله يصلح أحوال المسلمين

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير