تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولكي يتحقق ذلك لابد أن نخرج من الدائرة العقائدية والمعيارية للإسلام الأرثوذكسي ([21])، وإعادة تحديد الإسلام بصفته عملية اجتماعية وتاريخية من جملة عمليات وسيرورات أخرى، وبيان الأصل التاريخي للتصرفات والمعطيات والحوادث التي تُقدَّم وكأنها تتجاوز كل زمان ومكان وتستعصي على التاريخ ([22]). وهذه مهمة التاريخية وهي أن تقوم بالكشف عن السياق الاجتماعي والثقافي الذي يتولد عنه التراث وأسباب ذلك وأبعاده ([23])، وإعادة تفسيره طبقاً لحاجات العصر ([24]). وهذا الأمر يحتاج إلى جرأة في طرح الأسئلة على التراث، وجرأة في الإجابة عليها، مع الحذر من تأثير الإجابات الجاهزة ([25])، لأن ما حفظ لنا من التراث هو التراث الرجعي ([26]).

وكل ما لدينا هو تقليدي الصورة مثل: تشكل المصحف، والشريعة، وشخصيات الصحابة والنبي [صلى الله عليه وسلم]، ونريد الصورة التاريخية أي الحقيقية، العقلانية "" كما فعل الغربيون بالنسبة للمسيحية الأولى "" ([27]).

إن الإسلام الشائع اليوم بنظر أركون هو الإسلام السني الأرثوذكسي وهو ليس إلا تنظيراً دوغمائياً جاء نتيجة سلسلة من الأعمال المنجزة تاريخياً ([28])، ونفس الشيء يقال عن الإسلام الشيعي ([29])، فلا يوجد إذن إسلام حقيقي "" لقد خُرِّب تاريخ الإسلام الأولي وأُفسد إلى الأبد "" ([30])، وما قُدّم إلينا ما هو إلا الإسلام الرسمي السلطوي ([31]).

و "" تغيرت معالم الإسلام الأساسية، وملامحه المحددة، وسماته الذاتية، وصفاته الخاصة، وحلت بدلاً منها معالم أخرى مخالفة تماماً، ومناقضة كلية، ومضادة على الإطلاق، واستُبدلت بالمعالم الأساسية للإسلام معالم أخرى خاطئة وفاسدة ودخيلة "" ([32]) "" وانزلق الإسلام إلى مهوىً خطير، وانحدرت الشريعة إلى مسقط عسير "" ([33]).

ثانياً – التورخة من منظور ماركسي:

أما بنظر الاتجاه الماركسي العربي فقد كان الإسلام "" ثورة تعمل على تغيير المجتمع وتطويره اقتصادياً وطبقياً وسياسياً ودينياً طبقاً لأنظمة وعلاقات ومبادئ وعقائد جاءت بها حلاً للتناقضات الحادة التي كانت تعتمل في كيان المجتمع العربي بخاصة والإنسانية بعامة "" ([34]).

والقرآن كتاب الثورة الإسلامية الكبرى والمعبر عنها ومصدر المعرفة الأول لنظرية هذه الثورة ([35])، والقراء المستنيرون أمثال مصعب بن عمير انضموا إلى الثورة، وتخلوا عن طبقاتهم المترفة، ولم يجد النبي r أكفأ من القراء يمثلونه وينوبون عنه في ممارسة ذلك العمل الخطير، الذي لم يكن شيئاً سوى إعادة بناء شخصية الفرد العربي وإعادة تخطيط المجتمع العربي في وقت واحد ([36]). ولتأمين الثورة ضد المؤامرات الرجعية والوثنية انتقل مركز الثورة ومقر قيادتها من مكة إلى المدينة ([37])، ثم كان عمر القائد التالي للثورة ([38]). وبذلك يكون الإسلام ثورة عربية خاصة بالعرب ومن الخطأ أن نعممه ([39])، وليس الإسلام إلا فرعاً للعروبة، وليس هو إلا طوراً من أطوار المسيرة العربية ([40]). والله عز وجل معبود عربي، وأول بيت بني له بأرض العرب من قبل أن يكون الإسلام، وهكذا نستطيع أن نذهب إلى عروبة المُرسِل للرسالة التي تعرف باسم الإسلام ([41]). فا "" الإسلام ليس إلا النظام الديني للأمة العربية أولاً وقبل كل شيء، النظام الذي نزل من السماء ليكون البديل عن الأنظمة الأخرى التي كانت الأمة العربية تمارس حياتها على أساس منها "". "" والعرب في كل مكان يرون الإسلام ديناً قومياً لهم، قبل أن يكون ديناً عالمياً لكل الناس "". "" والله حاضر في ذهن الإنسان العربي قبل أن يكون الإسلام، فالعروبة هي الأصل والإسلام هو الفرع "" ([42]).

وهكذا وطبقاً للتحليل الماركسي يوصف الإسلام بأنه حركة محمدية ([43]) أو ثورة ([44]) يقارن بينها وبين الثورة البلشفية والثورة الفرنسية ([45]) وأن محمداً r تجسدت في داخله أحلام الجماعة البشرية التي ينتمي إليها، فهو إنسان لا يمثل ذاتاً مستقلة منفصلة عن حركة الواقع، بل إنسان تجسدت في أعماقه أشواق الواقع، وأحلام المستقبل ([46]).

وبما أن التوحيد نتيجة للتطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي فإن التوحيد اليهودي الذي ظهر في جزيرة العرب غير ممكن لأنهم متخلفون، أما توحيد أخناتون فقد كان بسبب وجود بنية تحتية متقدمة ([47]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير