- "" والخطاب القرآني خطاب تثقيفي تربوي من أوله إلى آخره "" ([11]).
- "" القرآن كتاب هداية وبشرى ورحمة، وليس كتاب قانون تعليمي "" ([12]).
- "" القرآن ليس كتاب علم، وإنما خطاب ديني روحي أخلاقي كوني "" ([13]).
- "" القرآن كتاب دين وإيمان وليس كتاب تقنين وتشريع بعكس التوراة "" ([14]). - "" شريعة موسى الحق، وعيسى الحب، ومحمد r هي الرحمة "" ([15]).
وعلى هذا السبيل تُستخدم المقاصد والمصالح والتأويل وعلوم القرآن كما سنرى.
ثانياً - إبراز الشاطبي وتصفية الشافعي:
لقد أخذ الجابري على الأصوليين اهتمامهم الشديد بالمباحث اللغوية والمسائل النحوية، واعتبرهم غفلوا عن المقاصد الشرعية، وصنع من ذلك إشكالية جعلها محور دراسته وهي إشكالية اللفظ والمعنى ([16]) فقال: "" إن أول ما يلفت الانتباه في الدراسات والأبحاث البيانية سواء في اللغة أو النحو أو الفقه أو الكلام أو البلاغة أو النقد الأدبي هو ميلها العام الواضح إلى النظر إلى اللفظ والمعنى ككيانين منفصلين، أو على الأقل كطرفين يتمتع كل منهما بنسبة واسعة من الاستقلال عن الآخر "" ([17]).
وحَكَم الجابري على علم الأصول منذ الشافعي إلى الغزالي بأنه كان يطلب المعاني من الألفاظ ([18]) "" فجعلوا من الاجتهاد اجتهاداً في اللغة التي نزل بها القرآن، فكانت النتيجة أن شغلتهم المسائل اللغوية عن المقاصد الشرعية، فعمقوا في العقل البياني وفي النظام المعرفي الذي يؤسسه خاصيتين لازمتاه منذ البداية: الأولى هي الانطلاق من الألفاظ إلى المعاني، ومن هنا أهمية اللفظ ووزنه في التفكير البياني، والثانية هي الاهتمام بالجزئيات على حساب الكليات - الاهتمام باللفظ وأصنافه الخ - على حساب مقاصد الشريعة "" ([19])، وهو ما سبب مشاكل من التأويلات المتعارضة والمتناقضة التي وظفت حسب المذاهب المختلفة ([20]).
والبديل لديه هو مقاصد الشريعة كما مهد لها ابن حزم ثم ابن رشد ثم ابن خلدون ([21]) ثم الشاطبي الذي دشن نقلة إبيستمولوجية " معرفية " في علم المقاصد ([22]).
وهكذا حظي الشاطبي بكثير من الإطراء والثناء على حساب الشافعي وغيره من الأصوليين ([23])، واعتُبر مؤسس علم المقاصد وقواعده الكلية ([24])، واعتبرت نظريته في المقاصد "" جديدة كل الجدة "" ([25])، وقيل بأن الجديد فيها أنها تجعل المقاصد حاكمة على الوسائل ([26])، وأن العبرة – على ذلك - ليست بخصوص السبب ولا بعموم اللفظ وإنما بالمقاصد ([27])، بل وصل الأمر إلى حد القول بان مقاصد الشريعة الشاطبية تقدم المصلحة على النص ([28]).
كانت هذه الإشادة بالشاطبي تتوازى مع نقدٍ شديد للإمام الشافعي الذي وُصِم بأنه مكرس "" الإيديولوجية العربية ""! ([29]) "" إن الشافعي وهو يؤسس عروبة الكتاب ... كان يفعل ذلك من منظور أيديولوجي ضمني في سياق الصراع الشعوبي الفكري والثقافي ... لقد انحاز إلى العروبة فقط بل إلى القرشية تحديداً "" ([30]).
ولأن الشافعي رفض الاستحسان اعتُبر بأنه كان يناضل "" للقضاء على التعددية الفكرية والفقهية وهو نضال لا يخلو من مغزى اجتماعي فكري سياسي واضح "" ([31])، و"" استطاع الشافعي عن طريق هذا الأسلوب البسيط في تركيب الحقائق أن يُعمم الصيغ والقوالب التيولوجية الشعبوية العنيدة والرازحة ويجعلها فاعلة ومؤثرة حتى يومنا هذا "" ([32])، وهو الذي ابتدأ في احتكار الوظيفة القانونية والتشريعية ومن بعده أجيال العلماء التقليديين ([33])، وأصّل بذلك لهيمنة الدين والعقيدة على كل مجالات الحياة ([34])، لأنه بمنهجه الأصولي كان محكوماً بهاجس "" توسيع مجال النصوص لتضييق مجال الاجتهاد العقلي "" ([35])، وهو ما أدى إلى "" إغلاق باب العقل والرأي والاجتهاد بذرائع شرعية ومقولات إسلامية، وبهذا يكون العقل الإسلامي فيما يتعلق بالفقه والتشريع قد ضُرب تماماً، وأُغلق بصورة شبه نهائية، فشروط الشافعي أغلقت باب الاجتهاد فعلياً منذ عهده "" ([36])، وليست رسالته إلا "" الحيلة الكبرى التي أتاحت شيوع ذلك الوهم الكبير بأن الشريعة ذات أصل إلهي "" ([37]) " فكان منظّر المنهجية التقليدية بقوله: "" جهة العلم الخبر "" ([38]). وكان يستخدم طريقة ملتوية في فهم الآية} وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
¥