تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قاعدة العدل التي سجلت في القرآن ومارسها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا تفرق؛ بل طالبت العدل للجميع في قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)} [6]

بل سُبقت الآية المتضمنة للقاعدة أسسا متينة تقرر الالتزام بها لتكون معينة على تطبيق القاعدة؛ هي: ذكر الله تعالى، بذكر نعمه، وميثاقه على طاعته منهم، وسياج التقوى قال تعالى {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)} [7]

وتلت آية القاعدة آية تضم شرطين عظيمين لضمان التطبيق هما الإيمان والعمل الصالح؛ وختمت هذه الآية بحداء قوي للنفس؛هو المغفرة والأجر العظيم جزاء من الله لمن التزم بالتعاليم.

وخط أساليب للتواصل عظيمة منها السداد بما يحمل هذا الوصف من معنى؛ ومن الآيات التي أوضحته قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (73)} [8]

وجاءت آية الأمانة شاملة [9] يدخل فيها الأسلوب. ويعد النبي صلى الله عليه وسلم المتصفين بالإلف من خلال انتقاء الألفاظ وأسلوب التعامل الجيد بحبه حيث قال {إن أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وأبغضكم إلى الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الملتمسون للبرآء العنت ... } [10]

هذا غيض من فيض في تقعيد المنهج الإسلامي للتعامل الكريم في تحري العدل والوعي، وتأليف القلوب بالأساليب الراقية حتى مع من تكرهه النفس؛ إنه منهج الله الخالد الشامل المبرأ من النقص؛ هدفه إسعاد الجميع؛ بعيدا عن العنصريات والمناطقيات والشعوبيات والإقليميات الضيقة؛ الكل محط رسالته العظيمة في دستور نقي كامل حوى موجهات وأسس أطراف العملية الاتصالية الخيرة بأطرافها جميعا، وأحاطها بسياج من الضوابط العاصمة من الانحراف بها عن مسارها عند ممارستها، ولهذا فإن الممارسة الخاطئة من قبل البعض لا يحسب على المنهج المعصوم، والذي يمثله تمثيلا حقيقيا هو المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم؛ ومن سار على النهج، واقتفى سيرته.

صلى عليك الله يا علم الهدى ما غرد القمري شدوا يطرب

وحدت شملا للورى بعقيدة أصفى من الماء الزلال وأعذب

وبمنهج أنقى وأسمى منهجا قاد الورى نحو العلا والمأرب

خطيت دربا يا محمد سالكا يسع الجميع على الدوام مجرَب

يا من يروم على الدوام سعادة فليلزمن ّدرب الحبيب المحبب


[1]- سورة الكهف

[2]- من ذلك سورة اقرأ وكثير من الآيات والأحاديث التي تحث على القراءة الكافية حول الموضوع

[3]- الحث على البرهان في عدد من الآيات والأحاديث

[4]- كما في سورة الحجرات

[5]- نفي الإيمان عمن لا يحب لأخيه كما يحب لنفسه

[6]- سورة المائدة

[7]- سورة المائدة

[8]- سورة الأحزاب

[9]- رأي جمهور المفسرين أنظر تفسير القرطبي عند تفسير الآية

[10]- المعجم الكبير للطبراني 7/ 350. رقم 7697.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير