تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

• هذا الكتب ليس فيه أي أثارة من تسامح، على ما يزعم النصارى في دينهم، فهو كتاب قائم على البذاءة والشتيمة والوقيعة بفحش وإقذاع، على نحو مبالغ فيه، ينزه عن مثله الوحي الإلهي، ولا يكون مثل هذا البذاءة إلا من السوقة وسفلة الناس، ومن نظر في الكتاب حتى على عجل لن يخطئه هذا الشعور بتلك البذاءات الواردة فيه، فالكتاب يفيض بالبذاءات في حق الرسول ?، فهو ـ في زعمهم ـ كافر ومنافق وضال، وسارق وقاتل، ومرجعه النار، وأتباعه منافقون كفرة ضالون، قتلة، ومصيرهم النار، جاء في هذا الكتاب وهو يصف شريعة المسلمين:" فشرعة أهل الكفر شرعة قومٍ حفاة، عراة، غزاة، زناة، أميين مفترين ومعتدين ضالين ظالمين" (سورة الجنة 14 - 266)، وأما الجنة التي وعد الله بها عباده المؤمنين كما في القرآن الكريم فقد وصفها بالآتي: "فهم في كهوف تعج بالقتلة والكفرة والزناة يتمرغون في حمأة الفجور، تلفحهم زفرات الغرائز، وتسوطهم شهوة البهائم، فهم في الرجس والموبقات غارقون وفي شغل فاكهون، متكئون على سرر مصفوفة، والمسافحات مسجورات في المواخر يطوف عليهم ولدان اللواط بأكواب الرجس والخمر الحرام، يلغُون فيها، فلا هم يطفئون أوارهم ولا هم يرتوون" (الجنة 3، 4 - 262 - 263) فهل يجوز أن تكون هذه البذاءات والفحش في الكلام وحيا إلهية يخاطب الناس ويدعوهم إلى الإيمان والهدى، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.

• وفضلا عن هذا فالكتاب المزعوم يسلب عن محمد صلى الله عليه وسلم ودينه وأتباعه، أي أثرة من حق، وأي بقية من خير، وهذا ليس من العدل والإنصاف الذي هو من صفة الوحي الإلهي، القائم على العدل حتى مع كفار المشركين وأهل الكتاب، ومن المقطوع به أن عقلاء العالم على مر التاريخ ـ مهما كانت درجة مخالفتهم للإسلام ـ لم يزالوا يعرفون للنبي صلى الله عليه وسلمفضله وفضل شرائعه التي جاء بها، ومنكر هذا كمن يحجب الشمس بيده، لقد زُعم في هذا الكتاب أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم تكن له أي حسنة ولم يدع إلى أي فضيلة وبر وعدل وإنصاف، وهذه كذبة كبرى لا يجرؤ عليها حتى الشيطان الرجيم، ذلك أن نعلم يقينا أن كثيرا من الفضائل التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلموتضمنها القرآن الكريم مما تتفق عليه الملل الإلهية جميعا، ومنها النصرانية على ما فيها من تحريف.

وفي هذا السياق قارن ذلك بما تضمنه القرآن الكريم من عدل ونصفة مع أهل الكتاب والملل السابقة، ففرق بين الحق والباطل، وذكر الذي لهم من الحق، الذي لا يحملنا مخالفتهم لنا على جحده، وتكذيبه، وهاك مثالا على ذلك يقول تعالى: (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ. وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (سورة آل عمران: 113،114)

سادسا/ الواجب تجاه هذا الكتاب وأمثاله.

إن هذا الكتاب وما يرمي إليه من أطماع، لا يستهدف فئة بعينها، ولا يوجه إلى دولة دون أخرى، إنه استهداف للإسلام باعتباره دين مليار مسلم، وللمسلمين باعتبارهم أمة تميزت بهويتها وملتها، وهذا الاستهداف العام يجعل المسؤولية عامة للأمة جميعها، كل بحسبة:

فعلى مستوى الدول، يجب أن يعلم قادة المسلمين؛ أن أهل الصليب هم الأعداء، ما بقي إيمان وكفر، ولن يرضوا بأقل من أن نكون شعوبا مغلوبة على أمرنا، مستذلة لهم، مأسورة لسلطانهم، ولن يرضوا ـ ما وسعهم ـ أن يبقونا على ما نحن فيه من تخلف وبعد عن التأثير في العالم، فليتقوا الله وليكونوا في مستوى الأمانة والمسؤولية، ولا تكن دنياهم أعظم عندهم من دينهم.

وعلى مستوى العلماء وأهل الرأي وقادة الفكر، فالمسؤولية عظيمة، في الوقوف سدا منيعا، أمام هذا المشاريع الصليبية، ببيان الحق والدعوة إليه، وكشف الباطل والتحذير منه، وهنا لا بد من إنشاء المراكز العلمية المختصة التي ترصد حراك أعداء الإسلام، وتحذر الأمة منهم وتكشف خططهم ووسائلهم.

وعلى مستوى الأفراد وعامة الأمة، يجب عليهم من الدفاع عن الإسلام والتحذير من خطط الأعداء بحسب جهدهم وقدرتهم، وما يبلغه علمهم.

ومما يجب أن يُعلم يقينا أن الخطورة ـ في حقيقة الأمر ـ ليست من أمثال هذا الكتاب المتهافت المبطل، وإنما الخشية كلها فيما تخطط لو الدوائر الصليبية وترمي إليه من خلال هذه المشاريع وأمثالها، ونحن نعلم مدى تأثير تلك الدوائر الصليبية على القرار في العالم الإسلامي، سياسيا وإعلاميا، بل حتى على الصعيد التعليمي، فجيب أن، تتضافر جهود أهل الإسلام عموما لصد غارات المبطلين، وفضح أهدافهم، وهتك أستارهم.

وبعد، فالله تعالى قد تكفل بحفظ كتابه، ورد كيد المفسدين، وانتحال المبطلين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

نسأل الله تعالى أن ينصر دينه وكتابه وسنتة نبيه وعباده الصالحين، وأن يرد كيد الأعداء في نحورهم، وأن يجعل تدبريهم في تدميرهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير