تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يبدو أن أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم ظهرت إلى حيز الوجود في أوربا الغربية كانت بمبادرة من بيير المحترم Pierre le vénérable ) ) رئيس دير كلوني ( Cluny) المتوفى سنة 1156م الذي طلب من بيير الطليطلي Pierre de Tolède أن يقدم له ترجمة لاتينية لمعاني القرآن الكريم. وقد نشرت هذه الترجمة في مدينة بال سنة 1543م، ثم نشرت بعد ذلك بقليل في مدينة زيورخ. وقد قال بلاشير ([4]) عن هذا القس ما يلي: "وكان طلبه لترجمة القرآن (الكريم) استمرارا لروح الحروب الصليبية، ومن جهة أخرى لحاجته إلى ما يمحو به أية آثار ما زالت عالقة بذهن المسلمين الأسبان الذين تم تنصيرهم حديثا، ويبدو أن الترجمة التي تمت في مدينة طليطلة لم تكن أمينة بالمرة وكانت غير كاملة".

أما أول ترجمة فرنسية فقد أعدها في منتصف القرن السابع عشر أندريه دوريير André de Ryer.([5]) وعن ترجمة دوريير الفرنسية هذه ترجم القرآن الكريم إلى الإنجليزية بواسطة ألكسندر روس A..Ross عام 1649م، وإلى الهولندية بواسطة جلازماخر Glazemaker عام 1657م ([6]). ومن الترجمات الفرنسية ترجمة سافاري ( Savary) الفرنسية التي حظيت برواج كبير في القرنين الماضيين. وقد نشرت هذه الترجمة في عامي 1783 م و 1951 م كما يبدو، وكذلك طبعت ترجمة كازيمرسكي Kasimirski في عام 1840 م. ويقول موريس بوكاي ([7]): "ويطغى على الترجمات الأولى التصرف الواسع بالنص، لأن همَّ المترجمين كان منصرفا إلى"محاربة البدعة" أكثر من اهتمامهم بدقة الترجمة ومطابقتها لمضمون القرآن الكريم". وقد بلغت ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، حسب إحصائيات الأستاذ حميد الله في مقدمة ترجمته الآنفة الذكر، ستاً وثلاثين ترجمة، أكثرها ترجمات المستشرقين، من ضمنها ترجمة لمستشرقة كتبت على ترجمتها اسماً شبه مستعار ([8]). وحاولت في ترجمتها أن تحذو حذو بلاشير في ترجمته، وأن تقتدي به في كثير من الأحيان، وهو ما جعلها تقع في أخطاء كثيرة. ([9]) وقد كتبت ترجمتها

بتشجيع من لوي ماسينيون. Louis Massignon([10])

وقد ظهر عدد كثير من هؤلاء المترجمين المستشرقين "في ثياب صديق" كأمثال جاك بيريك وريجيس بلاشير وغيرهما. فقد كان جاك بيريك عضوا بالمجمع اللغوي المصري، كما كان ريجيس بلاشير من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق!!! ولقد عانى القرآن الكريم الأمرّين من هذين " العضوين" في ترجمتيهما لمعانيه. وبما أن (ما لا يدرك كله لا يترك كله) سأحاول الإشارة في هذه العجالة إلى بعض الأخطاء أو المغالطات التي لاحظتها في ترجمة ريجيس بلاشير هذا العضو للمجمع العلمي العربي بدمشق.

فمن ريجيس بلاشير؟

ريجيس بلاشير ( Régis Blachère) (1318–1393 هـ = 1900–1973م) من أشهر مستشرقي فرنسا في القرن العشرين ومن أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق (!). ولد في مونروج (من ضواحي باريس). تعلم العربية في الدار البيضاء (بالمغرب) وتخرج في كلية الآداب في الجزائر (1922م) و عين أستاذاً في معهد الدراسات المغربية العليا في الرباط (1924– 1935م) وانتقل إلى باريس محاضرا في السوربون (1938م)، فمديراً لمدرسة الدراسات العليا العلمية (1942م) وأشرف على مجلة "المعرفة" الباريسية، بالعربية والفرنسية. وألف بالفرنسية كتبا كثيرة ترجم بعضها إلى العربية، ونجح في فرض تدريسها في بعض المعاهد الثانوية الفرنسية. من كتبه:

1 – ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية في ثلاثة أجزاء، أولها مقدمة القرآن الكريم. ثم نشر الترجمة وحدها في عام 1957م ثم أعيد طبعها عام 1966م.

2 – تاريخ الأدب العربي، نقله إلى العربية د. إبراهيم الكيلاني.

3 – قواعد العربية الفصحى.

4 – أبو الطيب المتنبي، نقله إلى العربية د. أحمد أحمد بدوي.

5 – معجم عربي فرنسي إنكليزي.

الفصل الأول: منهج بلاشير في الترجمة

1 - في عام 1949م قام ريجيس بلاشير بترجمة معاني القرآن الكريم. وفي الطبعة الأولى وضع ترتيب السور وفق نزولها، سيرا على نهج بعض المترجمين البريطانيين، وذلك بقصد تفسير التشريع على ضوء الوقائع التاريخية. ثم تخلى عن ذلك في الطبعات التالية بعدما اقتنع بعدم جدوى مخالفة ترتيب المصحف العثماني.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير