تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التحدي؟.

ثم إن الإعجاز صفة ملازمة للقرآن باعتباره كلاما إلهيا، ولا يمكن أن يوجد في عصر دون عصر، ولو كان هناك إعجاز علمي لفصَّله القرآن للناس وهم به جاهلون وتحداهم أن يكتشفوا خلافه، أما ما يجري اليوم فهو حراك بجهد الغير؛ فالعلم المكتشف لم يباشره المسلمون، وما اكتشفه علماء المسلمين لم يدّع أيٌّ منهم كونه تدبرا في القرآن أو اكتشافا فيه رغم معرفتهم العميقة بالقرآن.

يبقى سؤال جوهري حول وظيفة ذكر القرآن لإشارات ذات بعد علمي في النفس أو الكون، فأي وظيفة لتلك الآيات إن لم يوظف العلم الحديث في تفسيرها؟ والإجابة أنها دعوة للبحث العلمي الجدي الذي دعا إليه القرآن عندما وجهنا إلى آيات الله الكونية والشرعية ولم يقل إننا قادرون على اكتشافها من النصوص التي وظيفتها الهداية والتربية الخلقية التي تحض على النظر والعمل ولا تقدم نفسها بديلا لهما.

إن دعاوى التفسير والإعجاز العلمي المعاصرة إنما هي ظاهرة تدل على فقدان الثقة بالخطاب الإسلامي الدعوي التقليدي وعجزه عن اجتذاب الناس، ومن جهة أخرى عجز علماء الدين المختصين عن إقناع شريحة من الناس برؤاهم، ما فتح الطريق أمام دعاة جدد لم يتخرجوا في مدارس العلم الشرعي التقليدية، إنما أتقنوا أدواتها ومصادرها في الوعظ ووظفوا معارف العصر التقنية والعلمية في الدعوة وسط عالم من النجومية صنعته لهم وسائل الإعلام، ما أجج موقف الشيوخ التقليديين منهم، إذ إن الدعاة الجدد أضافوا إلى تطفلهم انتزاع جمهورهم.

لقد كانت ظاهرة التفسير والإعجاز العلمي ظرفية تعكس الوهن الحضاري والثقافة السائدة، وستبقى في حالة مد وجزر وهي الآن في حالة طفرة ورواج سيعقبها زوال وكمون لانكشاف هشاشتها لدى المخدوعين بها وعدم تأثيرها في دفع الحراك الحضاري للمسلمين، بل إنها تؤدي دورا سلبيا خادعا وهو تضخيم وهم الأسبقية واعتبار الإعجاز العلمي نصرا إسلاميا في زمن الهزائم الحضارية.

المصدر ( http://www.islamonline.net/Arabic/contemporary/science/2007/01/02.shtml#2)


** باحث سوري، دكتوراه في علوم القرآن– للتعليق يمكنكم التواصل معه عبر البريد الإلكتروني الخاص بالصفحة [email protected]

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير