تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جاء في الأوسط للطبراني بأن داود هو ابن يزيد، وهو ضعيفُ الحديث. ولكن الراوي عن محمد بن فضيل هو: خالد بن يوسف السمتي, وهو ضعيف، فاحتمال التصريح منه بأن داود هو ابن يزيد محل توقف. ولم ينسب في غيره من المصادر-فيما وقفت عليه-.

بينما المزي ذهب إلى أنه ابن عبد الله: فإنه في التهذيب لما ترجم لابن فضيل رمز لروايته عن داود بن عبد الله الأودي: بـ (ت)، ولم يرمز لروايته عن ابن يزيد شيئاً.

وكذلك فإنه: لما ترجم لداود بن عبد الله رمز لروايته عن الشعبي: بـ (ت)، ولما ترجم لداود بن يزيد رمز لروايته عن الشعبي: بـ (ق).

ويقوي ما ذهب إليه المزي: (ما ذكره بعض شيوخنا): وهو أن الراوي الثقة أو الصدوق إذا روى عن اثنين [متفقي الاسم] أحدهما ضعيف والآخر ثقة، فإنه إذا أبْهَمَ= غلب أنه يعني الثقة، وإلا عد عمله في التدليس، ومحمد بن فضيل لم يوصف بالتدليس.

والله أعلم بالصواب.

رجح الشيخ محمد بن عبد الله -في منتدى الألوكة- أن داود هو ابن يزيد؛ لأمور:

1 - ابن فضيل معروف بالرواية عن داود بن يزيد، لا عن داود بن عبدالله. بل إن الرواة عن داود معدودون أيضًا، وعدُّ ابن فضيل فيهم غلط كذلك؛ فإنه لم يُذكر ابن فضيل في تلامذة داود بن عبدالله، إلا عند المزي ومن تابعه بسبب هذا الوهم الذي نحن بصدده، بل قد نصَّ ابن المديني على أنه لم يروِ عن داود بن عبدالله إلا أبو عوانة وزهير بن معاوية، وهو مخالَف في هذا؛ فقد روى عنه أيضًا أبو خالد الدالاني -ذكره البخاري وأبو حاتم الرازي-، وأبو حمزة السكري -ذكره أبو حاتم الرازي-، إلا أن كلمة ابن المديني تشير إلى تضييق مجال الرواة عن داود بن عبدالله، وأنه إنما يشتهر من الرواة عنه اثنان فقط، والأمر كذلك في الواقع لو بحثت في مروياته.

فإثبات راوٍ جديد لم يذكره الأئمة في تلامذة داود بن عبدالله يحتاج دليلاً ظاهرًا، وليس ثمة دليل، بل القرائن على خلاف ذلك.

وقد نصَّ الإمام أحمد على أن داود بن عبدالله أقدم من داود بن يزيد، قال: (الذي روى عنه أبو عوانة وزهير أقدم من هذا)، ووفاة أبي عوانة وزهير (الراويين عن داود بن عبدالله) كانت قبل سنة (177)، وأما محمد بن فضيل؛ فتوفي سنة (195)، فيُستبعد أن يكون ابن فضيل يروي عن الأقدم (داود بن عبدالله)، وإنما روايته عن المتأخر منهما، وهو داود بن يزيد.

بل إن شيوخ داود بن عبدالله معدودون، وعدُّ الشعبي فيهم غلط -فيما أرى-،

2 - داود بن يزيد معروف بالرواية عن الشعبي، دون داود بن عبدالله.

3 - أن عامة رواية ابن فضيل عن الأودي إنما هي عنه عن الشعبي، فهو ابن يزيد لا ابن عبدالله.

4 - [أن الدارقطني نسبه في الغرائب والافراد فإنه قال عقب إيراده لهذا الحديث: (تفرد به داود بن يزيد الأودي عن الشعبي، وتفرد به محمد بن فضيل عنه)]

وكذلك عينه الحافظ عبدالعزيز بن محمد النخشبي:

حيث أخرج الحنائيُّ الحديثَ في فوائده، قال (271): أخبرنا أبو بكر عبدالله بن محمد بن عبدالله بن هلال الحنائي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: ثنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار، قال: ثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثني محمد بن الفضيل بن غزوان الضبي، عن داود الأودي، عن عامر، عن علقمة، عن عبدالله، قال: (من سره أن ينظر إلى وصية محمد التي عليها خاتمه فليقرأ: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم}، إلى قوله: {لعلكم تتقون}).

فقال النخشبي:

(هذا حديث حسن من حديث داود بن يزيد الأودي، عن أبي عمرو عامر بن شراحيل الشعبي، عن علقمة بن يزيد النخعي، عن عبدالله بن مسعود ...

غير أن داود الأودي ضعيف لم يخرج حديثه).

- ثم إنه يُستأنس برواية الطبراني في الأوسط، وإن كان فيها ضعف من جهة خالد بن يوسف السمتي، وهي تنصُّ على أن شيخ محمد بن فضيل: داود بن يزيد، لا داود بن عبدالله.

والله أعلم.

ثم أجاب -سدده الله- عمن قال بأن الراوي إذا أُبهم فإنه ينصرف إلى الثقة, فلو قال محمد بن فضيل عن داود الأودي ويعني الضعيف دون الثقة وهو ابن عبد الله, لعُدَّ هذا ضربا من التدليس.

بما يلي:

- الحاجة أولاً لإثبات وجود قاعدة (أن الراوي إذا أبهم انصرف إلى الثقة)،

- ثم لإثبات صحَّتها وعمل الأئمة بها.

- وقوله: (فلو قال محمد بن فضيل عن داود الأودي ويعني الضعيف دون الثقة وهو ابن عبد الله, لعُدَّ هذا ضربًا من التدليس) مناقشٌ بأمرين:

أحدهما: أنه إنما يعد من التدليس في حال التقارب والإيهام، ومستقرٌّ -في حالتنا هذه- عند الأئمة أن الرواة عن داود بن عبدالله قدماء، وابن فضيل متأخر عنهم، وأنهم معدودون، وليس فيهم محمد بن فضيل، فلا إيهام ثَمَّ ولا تدليس.

الثاني: أن إطلاق (داود الأودي) متكاثرٌ جدًّا في أسانيد عديدة، ومن رواةٍ كثر، منهم أبو أسامة حماد بن أسامة وعبيدالله بن موسى وأبي معاوية الضرير وشريك وسفيان بن عيينة ووكيع ومكي بن إبراهيم ومحمد بن عبيد وغيرهم، جميعًا لم ينسبوا شيخهم، ولو صحَّ ما ذكر الشيخ؛ لأُطلق التدليس على جميع هؤلاء، ولا يصح ذلك، وإنما لم ينسبوه لظهور كونه: (داود بن يزيد) من خلال طبقته ومشايخه.

ثم قال: هذا، وقد سبق من المرجحات والقرائن ما يكاد المرء يقطع معه بأن داود الأودي في إسناد الترمذي هو داود بن يزيد لا غير.

تنبيه: كلامه كان في عدة مشاركة غير أني آلفت في سياق واحد، وما كان بين معكوفتين فليس من كلامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير