[ممكن أحد من الإخوة يدقق لنا في صحة هذا الحديث الذي يستدل به القبوريه]
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[22 - 08 - 10, 03:03 ص]ـ
الحديث:
ما رواه البيهقي بإسْنادٍ صَحِيح عن مالك الدار وكانَ خازن عمر قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسول الله استسق لأمتك فَإنَّهُم قَدْ هلكوا فأتي الرجل في المنام فقيل له: أقرىء عمر السلامَ وأخبره أنَّهُم يسقون، وقُلْ لَهُ: عَليكَ الكيس الكيس.فأتى الرجل عمر فأَخْبرَهُ، فبكى عمر وقَالَ: يا رب مَا ءالوا إلا ما عجزت.
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[22 - 08 - 10, 03:08 ص]ـ
هذا الحديث من الوهلة الأولي ضعيف لأنه يصادم الأحاديث الصحيحة
من الأدلة القوية على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
((إنِّي لكم فرَطٌ على الحوض، فإيّاي! لا يأتينّ أحدكم فيُذَبَّ عنِّي كما يُذبُّ البعير الضال، فأقول: فيم هذا؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟! فأقول: سُحْقاً)) رواه مسلم وغيره
بمعني أن الرسول لا يدري ماذا فعل أصحابه؟
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[22 - 08 - 10, 03:09 ص]ـ
إليك جواب الإمام الألباني رحمه الله في كتابه التوسل:
قلت: والجواب من وجوه:
الأول: عدم التسليم بصحة هذه القصة لأن مالك الدار غير معروف العدالة والضبط وهذان شرطان أساسيان في كل سند صحيح كما تقرر في علم المصطلح وقد أورده ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) ولم يذكر راويا عنه غير أبي صالح هذا ففيه إشعار بأنه مجهول ويؤيده أن ابن أبي حاتم نفسه - مع سعة حفظه واطلاعه - لم يحك فيه توثيقا فبقي على الجهالة ولا ينافي هذا قول الحافظ (. . . بإسناد صحيح من وراية أبي صالح السمان. . .) لأننا نقول: إنه ليس نصا في تصحيح جميع السند بل إلى أبي صالح فقط ولولا ذلك لما ابتدأ هو الإسناد من عند أبي صالح ولقال رأسا: (عن مالك الدار. . . وإسناده صحيح) ولكنه تعمد ذلك ليلفت النظر إلى أن هاهنا شيئا ينبغي النظر فيه والعلماء إنما يفعلون ذلك لأسباب منها: أنهم قد لا يحضرهم ترجمة بعض الرواة فلا يستجيزون لأنفسهم حذف السند كله لما فيه من إيهام صحته لا سيما عند الاستدلال به بل يوردون منه ما فيه موضع للنظر فيه وهذا هو الذي صنعه الحافظ رحمه الله هنا وكأنه يشير إلى تفرد إلى تفرد أبي صالح السمان عن مالك الدار كما سبق نقله عن ابن أبي حاتم وهو يحيل بذلك إلى وجوب التثبت من حال مالك هذا أو يشير إلى جهالته. والله أعلم
وهذا علم دقيق لا يعرفه إلا من مارس هذه الصناعة ويؤيد ما ذهبت إليه أن الحافظ المنذري أورد في (الترغيب) قصة أخرى من رواية مالك الدار عن عمر ثم قال: (رواه الطبراني في الكبير ورواته إلى مالك الدار ثقات مشهورون ومالك الدار لا أعرفه). وكذا قال الهيثمي في (مجمع الزوائد)
وقد غفل عن هذا التحقيق صاحب كتاب (التوصل) فاغتر بظاهر كلام الحافظ وصرح بأن الحديث صحيح وتخلص منه بقوله: (فليس فيه سوى: جاء رجل. .) واعتمد على أن الرواية التي فيها تسمية الرجل ببلال بن الحارث فيها سيف وقد عرفت حاله
وهذا لا فائدة كبرى فيه بل الأثر ضعيف من أصله لجهالة مالك الدار كما بيناه
الثاني: أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء كما ورد ذلك في أحاديث كثيرة وأخذ به جماهير الأئمة بل هي مخالفة لما أفادته الآية من الدعاء والاستغفار وهي قوله تعالى في سورة نوح: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا. . .} وهذا ما فعله عمر بن الخطاب حين استسقى وتوسل بدعاء العباس كما سبق بيانه وهكذا كانت عادة السلف الصالح كلما أصابهم القحط أن يصلوا ويدعوا ولم ينقل عن أحد منهم مطلقا أنه التجأ إلى قبر النبي صلى الله عليه و سلم وطلب منه الدعاء للسقيا ولو كان ذلك مشروعا لفعلوه ولو مرة واحدة فإذا لم يفعلوه دل ذلك على عدم مشروعية ما جاء في القصة
الثالث: هب أن القصة صحيحة فلا حجة فيها لأن مدارها على رجل لم يسم فهو مجهول أيضا وتسميته بلالا في رواية سيف لا يساوي شيئا لأن سيفا هذا - وهو ابن عمر التميمي - متفق على ضعفه عند المتحدثين بل قال ابن حبان فيه: (يروي الموضوعات عن الأثبات وقالوا: إنه كان يضع الحديث). فمن كان هذا شأنه لا تقبل روايته ولا كرامة لا سيما عند المخالفة
(تنبيه): سيف هذا يرد ذكره كثيرا في تاريخ ابن جرير وابن كثير وغيرهما فينبغي على المشتغلين بعلم التاريخ أن لا يغفلوا عن حقيقة أمره حتى لا يعطوا الروايات ما لا تستحق من المنزلة
ومثله لوط بن يحيى أبو مخنف قال الذهبي في (الميزان): (أخباري تالف لا يوثق به. تركه أبو حاتم وغيره. وقال الدارقطني: ضعيف وقال يحيى بن معين: ليس بثقة وقال ابن عدي: شيعي محترق صاحب أخبارهم)
ومثله محمد بن عمر المعروف بالواقدي - شيخ ابن سعد صاحب (الطبقات) الذي يكثر الرواية عنه - وقد اغتر به الدكتور البوطي فروى أخبار كثيرة في (فقه السيرة) من طريقه مع أنه تعهد في مقدمته بأن ينقل الصحاح وما صح من السيرة والواقدي هذا متروك الحديث أيضا كما قال علماء الحديث فتأمل
الفرق بين التوسل بذات النبي صلى الله عليه و سلم وبين طلب الدعاء منه:
الوجه الرابع: أن هذا الأثر ليس فيه التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم بل فيه طلب الدعاء منه بأن يسقي الله تعالى أمته وهذه مسألة أخرى لا تشملها الأحاديث المتقدمة ولم يقل بجوازها أحد من علماء السلف الصالح رضي الله عنهم أعنى الطلب منه صلى الله عليه و سلم بعد وفاته
¥