وابن عباس أرسل إلى ابن الزبير في أول ما بويع له فقال: إنه لم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر وإنما الخطبة بعد الصلاة. أخرجه البخاري (959) ومسلم (886). وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 76) وعبد الرزاق (3/ 277) برقم (5628) بلفظ: أن ابن الزبير سأل ابن عباس قال: كيف أصنع في هذا اليوم يوم عيد وكان الذي بينهما حسن فقال: لا تؤذن ولا تقم وصل قبل الخطبة, فلما ساء الذي بينهما أذن وأقام وخطب قبل الصلاة. اهـ قلت: وهذا يدل أن ابن الزبير اجتهد في ذلك, وأنه لا يتابع عليه, فكيف يتابع ما هو مناقض الأصول.
3. إطالة الخطبة
وهذا يخالف السنة الثابة عن رسول الله صلى عليه وسلم.
• عن عمار بن يسار رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه. رواه مسلم (869)
• عن جابر بن سمرة قال: كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً. رواه مسلم (866)
4. عدم إمامة للناس يومئذٍ الجمعة
فإن ابن الزبير كان أميراً آنذاك, والسنة أن يقيم الإمام الجمعة ليشهدها من شاء شهودها. عن أبي هريرة عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه قال: قد اجتمع في يومكم هذا عيدان, فمن شاء أجزأه من الجمعة, وإنّا مجمِّعون. رواه أبو داود (1073) وابن ماجه (1311) والحاكم (1/ 425ـ426) وابن الجارود (302) والبيهقي (3/ 318) والخطيب في التاريخ (3/ 344)
ورواية عبد الحميد أخرجه أيضاً ابن أبي شيبة (2/ 91) من طريق أبو خالد الأحمر عن عبد الحميد بن جعفر والحاكم في المستدرك (1097) (1/ 435) من طريق أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد وابن خزيمة (1465) (3/ 359) من طريق بندار و إبراهيم الدورقي عن يحي عن عبد الحميد بن جعفر ومن طريق أحمد بت عبده عن سليم ابن أخضر عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري من بني عوف بن ثعلبة قال حدثني وهب بن كيسان قال: شهدت ابن الزبير بمكة وهو أمير فوافق يوم فطر أو أضحى يوم الجمعة, فأخر الخروج حتى ارتفع النهار, فخرج وصعد المنبر فخطب وأطال ثم صلى ركعتين, ولم يصل الجمعة, فعاب عليه ناس من بني امية بن عبد الشمس, فبلغ ذلك ابن عباس فقال: أصاب ابن الزبير السنة وبلغ ابن الزبير, فقال: رأيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه اذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا. اهـ واللفظ لأحمد بن عبدة.
وهذه الرواية لم يذكر أنه لم يصل الظهر وإنما ذكر أنه لم يصل الجمعة, وفيه زيادة وهو أن ذلك فعل أيضاً عمر. وقد وجه ابن خزيمة قول ابن عباس توجيهاً جيداً, فقال عقبه: "قول ابن عباس: أصاب ابن الزبير السنة, يحتمل أن يكون أراد سنة أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي. ولا أخال أنه أراد به أصاب السنة في تقديمه الخطبة قبل الصلاة العيد, لأن هذا الفعل خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم, وأبي بكر وعمر وإنما أراد تركه أن يجمع بهم بعدما قد صلى بهم صلاة العيد فقط. دون تقديم الخطبة قبل صلاة العيد."أهـ قلت: فغاية ما هناك أنه ترك الجمعة, فمن أين أنه ترك الظهر؟ مع ما في إسناده إضطراب, فقد روي ابن عبد البر في التمهيد (10/ 274) من طريق أبو قلابة قال حدثنا عبد الله بن حمران قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال أخبرني أبي عن وهب بن كيسان قال: اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فصلى العيد ولم يخرج إلى الجمعة قال: ذكرت ذلك لابن عباس فقال: ما أماط عن سنة نبيه, فذكرت ذلك لابن الزبير فقال: هكذا صنع بنا عمر. اهـ فروى عبد الحميد هنا عن أبيه وهو جعفر بن عبد الله بن الحكم وهو ثقة كما في التقريب. لم يذكر فيه إطالة الخطبة.
قال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 274): هذا الحديث اضطرب في إسناده. أهـ
ترجمة عبد الحميد بن جعفر
هو من رجال مسلم والأربعة. قال أحمد ثقة ليس به بأس, سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان سفيان يضعفه من أجل القدر. وقال الدوري عن ابن معين: ثقة ليس به بأس كان يحيى بن سعيد يضعفه, قلت ليحيى. فقد روي عنه. قال: فقد روى عنه. قال: روى عنه, وكان يضعفه, قلت: ما تقول أنت فيه, قال: ليس بحديثه بأس وهو صالح. قال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة وقال ابن المديني عن يحيى بن سعيد: كان سفيان يحمل عليه وما أدري ما كان شأنه وشأنه وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وهو ممن يكتب حديثه. ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حبان بعد سبر
¥