تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وختاماً: أذكر ما قاله الطحاوي في "المشكل" حول هذا البحث، فقال رحمه الله (1/ 66) بعد ذكر حديث أبي هريرة المتقدم: "فقال قائلٌ: هذا كلام مستحيل؛ لأنه نهاه إذا سجد أن يبرك كما يبرك البعير، والبعير إنما ينزل على يديه، ثم أتبع ذلك بأن قال: "ولكن ليضع يديه قبل ركبتيه"، فكان في هذا الحديث مما نهاه عنه في أوله، قد أمره به في آخره. فتأملنا ما قال من ذلك، فوجدناه مجالاً، ووجدنا ما رُويِّ عن رسول الله r في هذا الحديث مستقيماً لا إحالة فيه، وذلك أن البعير ركبتاه في يديه، وكذلك كل ذي أربع من الحيوان، وبنو آدم بخلاف ذلك؛ لأن ركبهم في أرجلهم لا في أيديهم، فنهى رسول الله r في هذا الحديث المصلي أن يخر على ركبتيه اللتين في رجليه، كما يخر البعير على ركبتيه اللتين في يديه، ولكن يخر لسجوده على خلاف ذلك، فيخر على يديه اللتين ليس فيهما ركبتاه بخلاف ما يخر البعير على يديه اللتين فيهما ركبتاه، فبان بحمد الله ونعمته أن الذي في هذا الحديث عن رسول الله r ، كلامٌ صحيح لا تضاد فيه، ولا استحالة فيه، والله نسأله التوفيق". انتهى

* قلتُ: فقد تبين بحمد الله تعالى بما لا يدع مجالاً للتوقف أو الشك أن ركبة البعير في يده، وأن البروك على الركبة، ونحن ومخالفونا في هذه المسألة متفقون على أن النبي r نهى عن بروك البعير، ثم اختلفنا كيف يبرك البعير، فلو تقاومت الأحاديث الواردة في هذا الباب وتساقطت لضعفها، ولم يبق بأيدينا نحن ولا مخالفينا أدلة مرفوعة لكان هذا الوجه كافياً في إثبات قولنا، وتوهين قول مخالفينا، ولله الحمد والمنة.

الوجه السادس:

قولك: "إنه الموافق للمنقول عن الصحابة كعمر بن الخطاب، وابنه،

وابن مسعود ... "

فالجواب: أنه لم يصح عن ابن عمر أصلاً كما يأتي أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه، والصواب عكس ذلك كما يأتي:

أما أثر عمر بن الخطاب t :

فأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 263)، وعبد الرزاق (2/ 176) من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب كان يضع ركبتيه قبل يديه.

وإسناده منقطع بين إبراهيم النخعي، وعمر t وقد رواه عن الأعمش هكذا: "وكيع، ومعمر، والثوري".

وخالفهم يعلي بن عُبيد، فرواه الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر أنه كان يقع على ركبتيه.

أخرجه ابن أبي شيبة، وابن المنذر في "الأوسط" (3/ 165).

وتابعه حفص بن غياث، قال: ثنا الأعمش، ثنا إبراهيم، عن علقمة والأسود، قالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير، ووضع ركبتيه قبل يديه".

أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 256) من طريق عمر بن حفص بن غياث، ثنا أبي بهذا الإسناد.

وإسناده صحيح.

ثم هذا الأثر مع صحته، فهو حجة لنا، وذلك أنه صريح الدلالة في أن عمر t كان يخر كما يخر البعير، فيضع ركبتيه قبل يديه، ونحن مأمورون بمخالفة البعير، فنضع اليدين قبل الركبتين، وهذا واضح جداً لا إشكال فيه والحمد لله.

فإن قُلتَ: كيف يبرك عمر t كما يبرك البعير وقد نهى النبي r عن ذلك؟

* قلتُ: لم يصله النهي، إذ لو علمه ما خالفه أبداً t.

أما أثر ابن مسعود t :

فأخرجه الطحاوي (1/ 256) من طريق حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطأة، قال: قال إبراهيم النخعي: حفظ ابن مسعود t أنه كانت ركبتاه تقعان على ا {ض قبل يديه.

وهذا إسنادٌ ضعيف ومنقطع، وابن أرطأة ضعيف، ومدلس أيضاً، وقد استخدم ما يدل على التدليس.

أما أثر ابن عمر فيأتي الكلام عنه، وأنه لا يصح.

فأين الآثار عن الصحابة التي تدل على أن الخرور للسجود يكون على الركبتين قبل اليدين؟ لم يصح إلا أثر عمر t وهو حجة لنا ولم يبق بأيدي مخالفينا من آثار الصحابة شيء!!

أما أثر ابن عمر رضي الله عنهما، والذي يشهد لحديث أبي هريرة t ،

فإنه صحيح.

أخرجه البخاري (6/ 78 - 79 عمدة القاري) معلقاً، ووصله أبو داود ـ كما في "أطرف المزي" (6/ 156) ـ وابن خزيمة في "شرح المعاني" (1/ 254)، وابن المنذر في "الأوسط" (3/ 165)، والدارقطني (1/ 344)، والحاكم (1/ 226)، وأبو الشيخ في "الناسخ والمنسوخ" ـ كما في "التعليق" (2/ 327)، والبيهقي (2/ 100)، والحازمي في "الاعتبار"

(ص 160) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيد الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير