[هل أخذ الإمام الدارقطني من علل ابن المديني؟]
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[18 - 04 - 06, 12:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سمعت بعض الإخوة يذكرون أن كتاب العلل للإمام علي بن المديني كان هو المادة الأساسية للدارقطني في كتابه العلل، فما صحة هذا القول وما مستنده؟
ـ[التلميذ]ــــــــ[20 - 04 - 06, 03:53 ص]ـ
تكرر، عُذراً.
ـ[التلميذ]ــــــــ[20 - 04 - 06, 03:59 ص]ـ
روى أبو بكر الخطيب في تاريخه (12/ 37) قال: سألتُ البرقاني: كان أبو الحسنِ الدارقطني يملى عليك العلل من حفظه؟
فقال: نعم، ثم شرح لي قصة جمع العلل، فقال: كان أبو منصور بن الكرخي يريد أن يصنف مسندا معللا؛ فكان يدفع أصوله إلى الدارقطني، فيعلم له على الأحاديث المعللة، ثم يدفعها أبو منصور إلى الوراقين، فينقلون كل حديث منها في رقعة، فإذا أردتُ تعليقَ الدارقطني على الأحاديثِ نظر فيها أبو الحسن، ثم أملى علي الكلام من حفظه، فيقول: حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود: الحديث الفلاني اتفق فلان وفلان على روايته، وخالفهما فلان، ويذكر جميع ما في ذلك الحديث، فاكتب كلامه في رقعة مفردة.
وكنت أقول له: لم تنظر قبل إملائك الكلام في الأحاديث؟
فقال: أتذكر ما في حفظي بنظري. ثم مات أبو منصور، والعلل في الرقاع، فقلت لأبي الحسن بعد سنين من موته: إني قد عزمت أن أنقل الرقاع إلى الأجزاء، وأرتبها على المسند؛ فأذن لي في ذلك، وقرأتها عليه من كتابي، ونقلها الناس من نسختي.
****
يقول الذهبي - في تذكرة الحُفاظ (3/ 993) - تعليقاً على ما سبق:" هنا يُخضع للدارقطني، ولِسَعة حِفظه الجامع لقوة الحافظة، ولقوة الفهم والمعرفة. وإذا شئتَ أن تتبيّن براعة هذا الإمام الفرد فطالِع العِلل له، فإنك تندهش ويطول تعجّبك ".
وقال الذهبي في سيِر الأعلام بعد ذِكر القصة:" إن كان كتاب العلل الموجود قد أملاه الدارقطني من حفظه ـ كما دلت عليه هذه الحكاية ـ؛ فهذا أمر عظيم، يقضى به للدارقطني نه أحفظ أهل الدنيا، وإن كان قد أملى بعضه من حفظه؛ فهذا ممكن، وقد جمع قبله كتاب العلل علي بن المديني حافظ زمانه ".
وقال ابن كثير:" هو أجَلُّ كتاب، بل أجلّ ما رأيناه وُضِع في هذا الفن، لم يُسبق إلى مِثله، وقد أعجز من يريد أن يأتي بعده ".
****
وبعد هذا فإن عناية هذين الحافظين بالعلل، وعلل ابن المديني خصوصاً لا تخفى، فلو كان بينهما علاقة لذكراها. ثم إنه لا يخفى على طلبة العِلم النقاش الثري المتعلق بكتابة الإمام ابن المديني لكتاب في العلل أصلاً. والأظهر من مجموع ما ذُكر أنه كتب، ثم وجد الأرضة قد أتت عليه، فلم ينشط لكتابته بعدُ. والقطعة المطبوعة الشهيرة ليست من كتاب كبير على الأظهر، فهي إما شيء من ذاك الذاهب بقي أو نَشِط الإمام لكتابته كالمقدمة، وإما أنه مادة مستقلة لا شأن لها بكتابه الذاهِب.
هذا ما يتصل بالأخذ المباشر من كتابه. فأما أنه أفاد من كتاب لابن المديني في العلل - إن قلنا بوجوده قبلُ - فهذا أمر ممكن. واليقين أنه أخذ عنه وعن أئمة الفن قبله، و عندي أخبار جمعتها تدل على عناية الدارقطني بكلام أئمة القرن الثالث. لا! بل إنه صرّح أنه يُقلّدهم حتى تتبين له حُجة تخالف قول أحدهم. وأظهر مثال على ذلك متابعته لطعن ابن معين في سويد بن سعيد، حتى وجد عند الوزير ابن حنزابة - لعله في كتاب مربّع - ما يبرئ سويداً من عهدة الخطأ ... الخ. والحكاية شهير حسب ظني، وليست بين يديّ الآن.
هذا ما ظهر لتلميذ مبتدئ، والتصويب من مشايخنا الكرام.