تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الشاذ عند الحاكم .... مرة أخرى]

ـ[أبو عبد الرحمن الحمصي]ــــــــ[21 - 03 - 06, 05:39 م]ـ

السلام عليكم

هذه مشاركتي الأولي بهذا الاسم الحقيقي

وأرجو أن تكون مشاركة مفيدة وغنية

الموضوع الذي أطرحه سبق الكلام عليه كثيرا، والكثير يظن أنه قد أشبع بحثا وفرغ منه، وهو (الشاذ عند الحاكم)

فقد ذهب كثير ممن كتب في هذا الموضوع: أن الحاكم يطلق الشذوذ على مجرد التفرد، بدليل أنه حكم على أحاديث في البخاري بأنها شاذة

وبعضهم قال: إن الحاكم يطلق الشاذ على ما لا أصل له، لكن أحيانا يستعمله بمعنى التفرد

والذي أراه بعد البحث:

أن الشاذ عند الحاكم كما ذكر هو نوع من المعلل، لا أصل له، يشعر الناقد بغلطه ووهمه، لكن لا يقف على علته.

وهاكم هذا البحث الذي قمت به، راجياً المشاركة والمناقشة من الإخوة الأكارم.

ـ[أبو عبد الرحمن الحمصي]ــــــــ[21 - 03 - 06, 05:46 م]ـ

الشاذ عند الحاكم النيسابوري: قال الحاكم في معرفة علوم الحديث ():

«هذا النوع منه: معرفة الشاذ من الروايات، وهو غير المعلول؛ فإن المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راوٍ، أو أرسله واحدٌ فوصله واهمٌ.

فأما الشاذ: فإنه حديثٌ يتفرد به ثقةٌ من الثقات، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة».

ثم نقل بعد ذلك تعريف الشافعي ولم يعترض عليه، وإنما شرع بعده مباشرة في التمثيل للحديث الشاذ.

? المثال الأول:

والمثال الأول الذي ذكره هو حديث قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل ? أن النبي ?: «كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ زَيْغِ الشَّمْسِ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى أَنْ يَجْمَعَهَا إِلَى الْعَصْرِ، فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعاً، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ عَجَّلَ الْعَصْرَ إِلَى الظُّهْرِ، وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعاً ثُمَّ سَارَ. وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ» ().

قال الحاكم (): «هذا حديث رواته أئمة ثقات، وهو شاذُّ الإسناد والمتن، لا نعرف له علةً نعلله بها، ولو كان الحديث عند الليث عن أبي الزبير عن أبي الطفيل لعللنا به الحديث، ولو كان عند يزيد بن أبي حبيب عن أبي الزبير لعللنا به، فلما لم نجد له العلتين خرج عن أن يكون معلولاً.

ثم نظرنا فلم نجد ليزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل رواية، ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل، ولا عند أحد ممن رواه عن معاذ بن جبل عن أبي الطفيل؛ فقلنا الحديث شاذ.

وقد حدثونا عن أبي العباس الثقفي قال: كان قتيبة بن سعيد يقول لنا: على هذا الحديث علامة أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأبي خيثمة، حتى عدَّ قتيبةُ أسامي سبعة من أئمة الحديث كتبوا عنه هذا الحديث».

ومعنى وضعِ سبعةٍ من كبار الحفاظ علامةً على هذا الحديث أنهم استغربوه، واستشكلوه من حديثه، وكان موضع استفهام وتعجب، ولم يقبلوه كما قبلوا بقية حديثه، لذا قال الحاكم بعد ذلك:

«فأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجباً من إسناده ومتنه، ثم لم يبلغنا عن أحد منهم أنه ذكر للحديث علةً».

أي لم يبينوا موضع الخلل الذي فيه، أو مكمن علته، وإلا فهم قد استغربوه وردوه، وعلق الذهبي على عبارة الحاكم هذه (): «قلت: بل رووه في كتبهم واستغربه بعضهم».

ثم قال الحاكم: «فنظرنا فإذا الحديث موضوع، وقتيبة بن سعيد ثقة مأمون».

ثم نقل عن البخاري أنه قال: «قلت لقتيبة بن سعيد: مع مَنْ كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل؟

فقال: كتبته مع خالد المدائني. قال البخاري: وكان خالد المدائني يدخل الأحاديث على الشيوخ» ().

فهذا الحديث حكم عليه الحاكم بالشذوذ سنداً ومتناً، مع أنه لم يقف له في أول الأمر على مكمن العلة وموطن الخلل، فأطلق الشذوذ على ما ترجح عنده خطأه وإن لم يبن له سببه.

ومما رجح شذوذ السند أنه لا يعرف ليزيد بن أبي حبيب رواية عن أبي الطفيل إلا في هذا الحديث، ولا يحفظ المحدثون بهذه النسخة سنداً آخر، فهذا من علامة الوهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير