تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تنبيه حول بعض طريقة الإمام ابن القيم في نقد الأحاديث]

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[21 - 03 - 06, 03:05 م]ـ

الإمام الرباني ابن القيم

(691 - 751هـ)

ليس المقصود من مثل هذه المباحث ترجمة وافية لنقاد الأحاديث وإنما التنبيه على منازلهم العلمية بين علماء الأمة، وفي ذلك – بلا ريب – بيان، ولو كان مجملاً، لما يشمل منازلهم في علم النقد خاصة؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن في تراجم هؤلاء الأئمة – ولو كانوا من المشاهير – ما يريح النفس ويشرح الصدر ويعرّف المقصرين والقاصرين، من أمثالي، بشديد تقصيرهم وبعيد قصورهم؛ ومن الله العون والتوفيق، فأقول:

ابن القيم رحمه الله تعالى هو العلامة العلم محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي شمس الدين ابن قيم المدرسة الجوزية.

أحد أئمة أهل السنة المتأخرين، لا أعني في مكانه، وإنما في زمانه، عالم حبر متبحر، بل إمام بحْر، وداعية كبير، ليس له بعد عصره نظير، ومفسر فطن خطير، وفقيه بكل ما تحمله الكلمة من المعاني، قبل أعصر التحريف والتزوير، ومصنف مبدع حكيم، وزاهد متّبع، وعابد مجتهد عظيم، ووصاف بارع لأدواء القلوب وأدويتها، وطبيب حاذق باحث عن مجهولات أحوال الأنفس في بحارها وأوديتها.

دعا الأمة إلى الهجرتين، ووصف الطريق والزاد، وحدا الأرواح إلى بلاد الأفراح، ففصل المراد وزاد، فرحمه الله تعالى ورضي عنه وأرضاه وبلغه المنى والمراد؛ آمين.

ولابن القيم في كتبه من التنبيهات البديعات والتحقيقات والفوائد العجيبات والاستدراكات المهمات على الكبار ما يعز الوقوف عليه في غيرها؛ ولا سيما في تدبر القرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحسن تصوير مسائل الخلاف، وترجيح الراجح منها وتزييف أدلة المخالفين للحق.

ترجم له كثير من العلماء والدارسين، من أوائلهم الإمامان الذهبي وابن كثير، وترجم له تلميذه الإمام ابن رجب في (ذيل طبقات الحنابلة)، ثم الحافظ ابن حجر، ثم الشوكاني، وآخرون من كبار العلماء المؤرخين.

وله تراجم جيدة كتبها جماعة من محققي كتبه، في مقدماتهم لها، كالذي صنعه الشيخان شعيب وعبد القادر في مقدمة تحقيق (زاد المعاد).

ويظهر أن أفضل وأوسع ترجمة له هي تلك كتبها العلامة بكر أبو زيد حفظه الله، في كتابه (ابن قيم الجوزية حياته وآثاره)، وله كتاب آخر هو (ابن قيم الجوزبة وموارده في كتبه)، بل له في خدمة كتب ابن القيم وعلمه جهود كثيرة وكبيرة قديمة وحديثة نسأل الله أن يُتمها على أكمل وجه وأحسن طريقة.

ترجمه ابن كثير في (البداية والنهاية) (14/ 550 - 551 – طبعة مكتبة الإيمان) فكان مما قاله فيه:

(وسمع الحديث واشتغل بالعلم وبرع في علوم متعددة لا سيما علم التفسير والحديث والأصلين----.

ولما عاد الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الديار المصرية في سنة ثنتي عشرة وسبعمئة لازمة إلى أن مات الشيخ فأخذ عنه علماً جماً مع ما سلف له من الاشتغال فصار فريداً في بابه في فنون كثيرة مع كثرة الطلب ليلاً ونهاراً وكثرة الابتهال.

وكان حسن القراءة والخلق كثير التودد، لا يحسد أحداً ولايؤذيه ولا يستعيبه ولا يحقد على أحد.

وكنت من أصحب الناس له وأحب الناس إليه.

ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه؛ وكانت له طريقة في الصلاة: يطيلها جداً ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله.

وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير.

وكتب بخطه الحسن شيئاً كثيراً.

واقتنى من الكتب ما لا يتهيأ لغيره تحصيل عشره، من كتب السلف والخلف.

وبالجملة كان قليل النظير في مجموعه وأموره وأحواله.

والغالب عليه الخير والأخلاق الصالحة، سامحه الله ورحمه---).

وترجمه تلميذه الإمام الحافظ ابن رجب في (ذيل طبقات الحنابلة) ترجمة جامعة نافعة ماتعة رائعة، فقال:

(محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن جريز الزرعي، ثم الدمشقي الفقيه الأصولي، المفسر النحوي، العارف، شمس الدين أبو عبد الله بن قيم الجوزية، شيخنا----.

وتفقه في المذهب، وبرع وأفتى.

ولازم الشيخ تقي الدين وأخذ عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير